[لماذا اشترط ابن الصلاح إنتفاء الشذوذ و لم يكتف بإنتفاء العلة؟]
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[20 - 03 - 05, 06:32 ص]ـ
الحمد لله و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد عبده و رسوله صلى الله عليه وعلى آله و سلم
أما بعد
قال ابن الصلاح-عليه رحمة الله -في مقدمته
أما الحديث الصحيح فهو المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه و لا يكون شاذا و لا معللا أ. ه
و السؤال أليس الشذوذ علة؟
إن الناظر في كتب العلل للمتقدمين يجد أنهم يعلون الأحاديث التي يصدق عليها وصف الشذوذ بقسميه بل يصرحون أحيانا و يقولون هذا حديث شاذ مطرح وهذ الصنيع يخبرنا أن الشذوذ كغيره من أسباب الطعن في الرواية كالنكارة و التصحيف وغيرهم يدخل تحت مسمى العلة فيبقى السؤال قائما
ما هو السبب الذي جعل ابن الصلاح يفرد الشذوذ بالذكر دون بقية الأسباب التي تكون سببا في ضعف الرواية و قرنها بالعلة؟
هل تأثر في ذلك بالحاكم أبي عبد الله في المعرفة ص:119
قال –رحمه الله-:هذا النوع منه معرفة الشاذ من الرويات و هو غير المعلول فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم
فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم الأشقر يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول قال لي الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يروى الثقة ما لا يرويه غيره هذا ليس بشاذ انما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث.
يقول الحافظ العراقي في تقييده: ص:101
الخليلي يجعل تفرد الراوي الثقة شاذا صحيحا و تفرد الراوي غير الثقة شاذا ضعيفا
قلت فهل يا ترى هذا هو الذي دفع ابن صلاح بأن ينص على أن الشذوذ و الصحة وصفان لا يجتمعان
لكن عبارة الخليلي في الإرشاد لا تفهم ما أشار إليه العراقي
و الحافظ ابن حجر في النكت جعل ذلك من لوازم كلام الخليلي لا من نصه
حيث قال (ج2/ 133):و الحاصل من كلامهم أن الخليلي يسوي بين الشاذ و الفرد المطلق فيلزم على قوله أن يكون في الشاذ الصحيح و غير الصحيح فكلامه أعم أ. ه
بل و تعقب العراقي في قوله المتقدم و قال عنه فيه نظر فإن الخليلي لم يحكم له بالصحة بل صرح بأنه يتوقف فيه و لا يحتج به أ. ه
يقول الشيخ مصطفى إسماعيل –حفظه الله –في إتحاف النبيل ج1/ 107:
أما زيادة الشذوذ فأن قيل إن الشذوذ من جملة العلل الخفية فلا حاجة إلى إفراده بالتعريف بقيد مستقل و إلا لزمنا أن نقول و لا يكون مضطربا و لا مذرجا و لا كذا و لا كذا فالاضطراب و الإدراج و الشذوذ من جملة العلل القادحة فلماذا خصوا نوع الشذوذ من جملة الأحاديث المعلة و ذكروه في تعريف الحديث الصحيح؟
فالجواب أن هذه المسألة تحتاج إلى بحث ثم ظهر لي بتوفيق الله صحة ثبوت نفي الشذوذ في التعريف خلافا للفقهاء و الأصوليين الذين لا يعدون مخالفة المقبول لمن هو أوثق منه علة قادحة و القدح بذلك مذهب المحدثين و قد حررت ذلك تفقها مني ثم وقفت بعد على كلام الحافظ فالحمد لله رب العالمين أ. ه
قلت و هو الذي حرره الحافظ في النكت ج2/ 135و لكنه زاد أمرا مهما
فقال:و يأتي فيه إحتمال عن القاضي و هو أن الشذوذ يقدح في الإحتجاج لا في التسميةأ. ه
و هذه الجملة تحتاج أن تفسر و الذي فهمته أن القاضي يطلق على الشاذ الصحة من حيث التسمية و لا يجوز الإحتجاج به لكونه شاذا
و أنا لا أستطيع أن أتفهم صنيع ابن الصلاح إلا بهذه الطريقة و هي المنع من إطلاق الصحيح على الشاذ
و لأن لم أصل إلا قناعة كلية فأنا أعرض هذا الإستشكال على
[1 - شيوخ الملتقى 2 - طلبة العلم المعروفين في هذا الملتقى
عسى أن ينفع الله بهم و بتقريراتهم التي طالما استمتعنا بها على مدار السنين الماضية
و جزاكم الله خيرا
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[20 - 03 - 05, 09:20 ص]ـ
لعل الفرق ان الشذوذ ظاهر بالمخالفة اما العلة فتكون بالمخالفة وغيرها وتكون خفية بخلاف الشذوذ الذي هو مخالفة الثقة لمن هو اوثق منه وتكون هذه المخالفة ظاهره للعيان فالفرق ان العلة اعم من الشذوذ اذ العلة تكون بالمخالفة وغير المخالفة بل ان الظاهر ان الحديث لا مغمز عليه بخلاف الشذوذ الذي هو مخالفة ظاهره والظاهر ان التعريف مستدرك كما هو الحال في اكثر التعاريف دقة حتى ان كثير من المتكلمين يقرون بعسر التعريف الحقيقي وقلة وجود تعريف حقيقي والمقصود حاصل بهذا التعريف والحمد لله والله اعلم
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[20 - 03 - 05, 11:21 ص]ـ
لعلي أضيف إلى ما ذكر ما يلي:
أولا: استشكال إفراد الشذوذ من بين العلل
لعله يتضح سبب الإفراد من أن العلة المصطلح عليها في كتابات المتأخرين - وابن الصلاح منهم - يشترط لها أن تكون خفية وهذا لا يتوفر في الشذوذ المستجمع لبقية الشروط، ومن هنا قد اختلف المحدثون - ليس فقط الفقهاء والأصوليون - من قبل ابن الصلاح على قبول زيادة الثقة وهي مبحث الشاذ حيث تنقسم الزيادة إلى شاذ مردود، وزيادة ثقة مقبولة، بل لم يتحرر للمحدثين مذهب مطرد في الحكم عند اختلاف الثقات كما يقول الحافظ في نكته وإنما كانوا يحكمون لكل حالة بما يلائمها في اجتهاد الإمام الناقد ومن ثمَّ يختلفون.
وإذا فهمنا العلة بمعناها العام فالإشكال ليس فقط في ذكر الشاذ بل حتى في اشتراط الاتصال، وضبط الراوي، وذلك لأن الانقطاع علة، وضعف الراوي من قبل حفظه أو عدالته علة، فيتسع الاشكال، وإن قصرنا العلة بما كان خفيا من المخالفة والانقطاع وضعف الراوي في حفظه - خصوصا في بعض الشيوخ - اشتقام الأمر.
ثانيا: ما ذكره الأخ من عسر التعريف الحقيقي
هذا من الآفات التي جرَّتها قوانين المنطق اليوناني، وكان له الأثر البالغ في تعريفات المتأخرين حتى في العقيدة وعلوم الحديث والتفسير، وقد كثرت في مصنفات المتأخرين ذكر الحد بنوعيه [التام والناقص] والرسم بنوعيه [التام والناقص]، وذكر الذاتيات والعرضيات مما لا ينبغي إيراده في علوم مهمة كمصطلح الحديث.
وقد قرأت لبعض المعاصرين التنبيه على هذا - ولعله د. المليباري - فأرجو من الأخ أبي سليمان الانتباه لذك.
أخوكم/ أبو عبد الباري
¥