مَنْ فُضِّلَ من الرواة على قَرِيبِهِ منصوصاً على ذلك
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[05 - 05 - 05, 12:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزءٌ فيه مَنْ فُضِّلَ من الرواة على قَرِيبِهِ منصوصاً على ذلك
* مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، الذي جعل لكل شيء قَدْراً، ورفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات، وجعل لكل درجات مما عملوا، وأصلي وأسلم على أفضل الخلق، وخير البرية، وأزكى البشرية، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الله - سبحانه وتعالى - ببالغ حكمته، يهب المواهب، ويكرم بالنعم، ويزجي الأعطيات، وهو يزيد الشاكرين: ? لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ?، ويُفَضِّل المحسنين المتقين: ? أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ ?.
ومن المعلوم أن الناس في كل شيء متفاوتون، وكل يرجو علو المرتبة، وسُمُوَّ المنزلة، فإما في الدنيا: ? وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ?، وإما في الآخرة: ? وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ?.
وقد أكرم الله - سبحانه وتعالى - هذه الأمة بأن جعلها خير الأمم وأفضَلَها: ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ?، وأرسل إليها أفضل الرسل
? وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ? ? مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ?، وأنزل إليها أفضل الكتب: ? وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ? ? وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ?.
ثم فضَّل الله سبحانه بعض هذه الأمة على بعض، فجعل الأفضل قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الأقرب فالأقرب: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ» متفق عليه.
ولما اهتم المسلمون بثاني مصادر شريعتهم: سنةِ النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حفظوها، وأداها المحسن كما سمعها، نَضَّرَهُ اللهُ بدعوة رسوله صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئاً فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ» (أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي - واللفظ له -، وقال: حسن صحيح).
ثم اهتم العلماء بأمر ذلك المؤدي، الذي ينقل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرفوا حاله، وسبروا ما نقله وما قاله، ثم بَرَّؤوا ذِمَمَهُم بإعلام الأمة بحكمه، إنْ محسناً فمحسن، وإن مسيئاً فكذلك.
واجتهد العلماء الناقدون البصيرون بأحوال النَّقَلة في تفضيل الرواة على بعضهم - فهم متفاوتون فيما وهبهم الله من أعطيات ونعم -، ليأخُذَ مَنْ بعدهم الخبرَ عن الأفضل، ويرجِّحَ قوله على قول المفَضَّل.
والمقارنة بين الرواة منقسمة في الجملة قسمين بارزين:
الأول: المقارنة المطلقة، دون تقييد بشيء معين، كبلد، أو شيخ، وهذا على ضربين:
1. أن تكون المقارنة بين راوٍ أو أكثر، وبين مَنْ سواه بإطلاق.
2. أن تكون المقارنة بين راوٍ وآخر مسمَّىً. ولاختيار الرواة الذين تجري المقارنة بينهم أسباب كثيرة منها: القرابة، والاشتراك في الاسم أو الكنية أو اسم الأب ... ، والاشتهار بالأخذ عن شيخ واحد، والاتحاد في الطبقة ...
الثاني: المقارنة المقيدة ببلد أو شيخ ... «تقسيم المقارنة ملخص من مبحث (مقارنة الراوي بغيره)، من كتاب «الجرح والتعديل»، للشيخ الدكتور إبراهيم بن عبد الله اللاحم، انظره ص158 - 186 (مع تصرف يسير)، وانظره للاستزادة والإفادة».
وقد حاوتل جمع ما تشتت وتفرق من مقارنة الرواة بأقاربهم، كمقارنة الراوي بأبيه، أو أخيه ... ، لعل ذلك يسهم في خدمة الدارسين والباحثين. وأرى أن فائدة ذلك تتمثل في الآتي:
1/ الفائدة العامة للمقارنة بين الرواة: «الترجيح عند الاختلاف - وما أكثره - بين الرواة ... كما إذا اختلف أصحاب راوٍ عليه، أو تفرد بعضهم بشيء عنه، فسهَّل الأئمةُ النُّقادُ على من بعدهم النظرَ في أحاديث الرواة» «الجرح والتعديل، للاحم، ص158».
¥