تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معنى قول الإمام الترمذي: حسن صحيح]

ـ[أبوعبدالله بن حمود]ــــــــ[08 - 06 - 05, 12:28 ص]ـ

[بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فقد سبق لي قبل سنين عدة بحث في مراد الإمام الترمذي بقوله في الحكم على جملة من أحاديث جامعه: (هذا حديث حسن صحيح)، وقد جمعت فيه بين الجانبين النظري والتطبيقي، حيث جمعت كلام أهل العلم في توجيه قوله هذا، ثم درست نحو مئة حديث حكم عليها بهذا الحكم.

وإنما أنشر هذا البحث رغبة في الاستفادة من ملاحظات الإخوة، سائلاً الله عز وجل الإعانة والتسديد.

توطئة:

استقر الاصطلاح على أن الصحيح والحسن مرتبتان مختلفتان، وقسمان متغايران، لا يسوغ إطلاق أحدهما على الآخر، كما لا يسوغ الجمع بينهما على أنهما مصطلحان مترادفان، وذلك لأن الحسن متقاصر عن مرتبة الصحيح.

ولأجل ما تقدم فقد أشكل على كثير من أهل العلم جمع الإمام الترمذي بين الحسن والصحيح في حكمه على جملة كبيرة من الأحاديث في جامعه، حيث إن في ذلك جمعاً بين نفي القصور وإثباته.

وقد اختلفت أقوال أهل العلم في توجيه ذلك كما سيأتي - إن شاء الله -.

ومما يحسن التنبيه إليه ما ذكره الحافظ ابن الصلاح من اختلاف نسخ جامع الترمذي في ذكر قوله: (هذا حديث حسن)، أو (هذا حديث حسن صحيح)، ونحو ذلك، وأنه ينبغي أن يصحح المرء أصله على عدة أصول ويعتمد ما اتفقت عليه ().

وفيما يلي عرض ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وبيان ما اعترض به عليها، وما يمكن الإجابة عنه من هذه الاعتراضات:

القول الأول:

أن يكون الحديث مروياً بإسنادين أحدهما صحيح، والآخر حسن، فيكون صحيحاً بالنسبة لإسناد، حسناً بالنسبة إلى الآخر.

وهذا قول ابن الصلاح ()، والنووي ()، وشيخ الإسلام ابن تيمية ()، وابن الملقن ().

قال الحافظ ابن حجر: (وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح فوق ما قيل فيه صحيح فقط إذا كان فرداً، لأن كثرة الطرق تقوي) ().

n وقد اعترض ابن دقيق العيد وغيره على هذا القول بأنه يرد عليه الأحاديث التي قيل فيها: (حسن صحيح) مع أنه ليس لها إلا مخرج واحد، وهذا موجود في كلام الإمام الترمذي حيث يقول في مواضع من جامعه: (هذا حديث حسن صحيح غريب) ()، أو: (هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه) ()، أو نحو ذلك مما فيه تصريح بأنه لا يَعْرِفُ له إلا طريقاً واحداً ().

وقد أجاب عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بأن ما قيل فيه حسن صحيح غريب قد روي بإسناد صحيح غريب، ثم روي عن الراوي الأصلي من طريقين، أحدهما صحيح، والآخر حسن، فيكون بذلك حسناً مع أنه صحيح غريب. ()

وأجاب أيضاً الحافظ سراج الدين ابن الملقن فقال: ( ... اللهم إلا أن يراد بقوله: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث بعض الرواة، لا أن المتن لا يعرفه إلا من هذا الوجه بدليل أن الترمذي نفسه لما خرج في كتاب الفتن حديث خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة: ((من أشار إلى أخيه بحديدة ... )) الحديث، قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث خالد ()) ().

وتعقبه الحافظ العراقي فقال: (وهذا الجواب لا يمشي في المواضع التي يقول فيها: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: ((إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا)) قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ) ().

كما أجاب محمد بن إبراهيم الوزير الصنعاني عما ذكره ابن دقيق العيد فقال: (يمكن الجواب على الشيخ تقي الدين في هذا الاعتراض بأن الترمذي أراد أنه لا يعرف الحديث بذلك اللفظ كما قيده في المثال ()، وقد ورد معناه بإسناد آخر، أو يريد من ذلك الوجه كما يصرح به في غير حديث، مثل أن يكون الحديث صحيحاً غريباً من حديث أبي هريرة أو من حديث تابعي أو مَنْ دونه، ويكون صحيحاً مشهوراً من غير تلك الطريق، أو يريد أنه لا يعرف الحديث عن ذلك الصحابي الذي رواه عنه إلا بذلك، وله إسناد آخر عن صحابي آخر). ()

القول الثاني:

أن يكون المراد بالحُسْن المعني اللغوي.

وقد استحسن هذا الجواب الحافظ ابن الصلاح ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير