تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد مقتطفة من رسالة ماجستير في (منهج ابن المديني في الإعلال)]

ـ[طارق العودة]ــــــــ[04 - 05 - 05, 12:21 ص]ـ

اللهم لك الحمد، عدد خلقك، ورضى نفسك، وزِنة عرشك، ومداد كلماتك.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، خاتم أنبيائك ورسلك، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأبرار، ومن سار على نهجه، واستنّ بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنّ علوم السُنّة المشرّفة من أجلّ العلوم وأزكاها، وأحقها بالتعلم والتعليم، وأولاها بكل اهتمامٍ وعناية؛ إذ هي المُبينة والشارحة لما في الكتاب العزيز كما قال تعالى: ?وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ? ().

ومن أجلُّ أنواع علوم السُنّة وأشْرَفها على الإطلاق: علم العلل؛ لأنّه يكشف عن أمرٍ في غاية الدقة والأهمية، وهو ما يعتري الرواة من أوهامٍ وأخطاء، ولذلك اتفقت كلمة العلماء على أهميته، وأكدوا على لزوم الاهتمام به، وكَثُرت أقوالهم في ذلك.

قال أبو عبد الله الحاكم: (معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم والجرح والتعديل ... فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم) ().

وقد قيّض الله U - بلطيف عنايته - (لعلم الحديث رجالاً نقَّاداً، تفرَّغوا فأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين) ().

ولكنهم قليلٌ بالنسبة لغيرهم من العلماء في بقية الفنون، وما ذلك إلا لصعوبة هذا العلم، وقلّة من ينجُبُ فيه، ولذلك لما روى الخطيب البغدادي بسنده قول الإمام البخاري: (أفضل المسلمين رجلٌ أحيا سنةً من سنن الرسول ? قد أُميتت، فاصبروا يا أصحاب السنن رحمكم الله، فإنكم أقل الناس) ().

قال الخطيب معلقاّ على كلام البخاري: (عنى به الحفاظ للحديث، العالمين بطرقه، المميزين لصحيحه من سقيمه، وقد صدق رحمه الله في قوله؛ لأنّك إذا اعتبرت لم تجد بلداً من بلدان الإسلام يخلو من فقيه أو متفقه يرجع أهل مصره إليه، ويُعوّلون في فتاواهم عليه، وتجد الأمصار الكثيرة خاليةً من صاحب حديثٍ عارفٍ به، مجتهدٍ فيه، وما ذاك إلا لصعوبة علمه وعزّته، وقلّة من ينجُب فيه من سامعيه وكتَبته، وقد كان العلم في وقت البخاري غضاً طرياً، والارتسام به محبوباً شهياً، والدواعي إليه أكبر، والرغبة فيه أكثر، وقال هذا القول الذي حكيناه عنه، فكيف نقول في هذا الزمان مع عدم الطالب وقلة الراغب؟! …) ().

ولمّا كان هؤلاء الأئمة الأفذاذ هم أهل الشأن في الصناعة الحديثية، وهم النقّاد لعلل الأحاديث، ومن كلامهم وتطبيقاتهم العملية تُستنبط القواعد والمصطلحات، كان لزاماً على من أتى بعدهم العناية بأقوالهم وتطبيقاتهم العملية، رجاء أن يكون في ذلك إسهامٌ في توضيح معالم منهج النقد والإعلال عندهم.

وقد وفقني الله ? فكنت ممن شارك في جمع تعليلات أحد أولئك الأئمة الكبار، ودراستها، فاخترت هذا الموضوع لنيل درجة التخصص العالمية (الماجستير) في السُنّة وعلومها وهو:

منهج الإمام علي بن المديني في إعلال الأحاديث

دراسة نظرية تطبيقية

من خلال الكتب التسعة

ومن خلال ماسبق في بيان أهمية علم علل الحديث بين علوم السُنّة النبوية، أودّ أن أوجز أسباب اختياري لهذا الموضوع في النقاط التالية:

1. أهمية دراسة مناهج الأئمة الأوائل في تعليل الأحاديث؛ لأنهم فرسان هذا الميدان، ولهم من الحفظ والفهم وسَعة الرواية ما يجعل وظيفة من بعدهم دراسة أقوالهم وتعليلاتهم والاستنارة بها في هذا العلم.

2. أن دراسة علل الحديث، ومناهج الحفاظ في التعليل - مع صعوبتها وغموضها - لا غنى لطالب علم الحديث عنها؛ لأنها تورثه ملكة وقدرة على تمييز الأسانيد والمتون ومعرفة الصحيح من السقيم منها، فأردت أن أُساهم في إبراز علم العلل بصورة علمية عملية، تكشف بعض خفاياه وغوامضه، وتُقرّبه من خلال دراسة منهج الإمام ابن المديني في التعليل في ضوء أحاديث الدراسة.

3. منزلة الإمام علي بن المديني رحمه الله تعالى وتصدُّره في هذا الفنّ بين أقرانه ومعاصريه، فقد اتفق أهل زمانه ومعاصروه أنه أعلم أهل عصره في علل الحديث، حتى قال رفيقه في الطلب الإمام أحمد: (أعلمنا بالعلل علي بن المديني) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير