تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مذهب نقاد الحديث في مرويات المبتدعة]

ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[01 - 10 - 05, 11:21 ص]ـ

كان نقاد الحديث وعلماء الرجال وطلبة العلم يعنون عادة ببيان عقيدة راوي الحديث بحيث قلما نجد أحداًَ منهم لا يعني بهذا الأمر وهو أمر يعكس عناية المسلمين بالعقيدة حيث أنها اساس الإيمان والإسلام.

وحين لاحظ علماء المصطلح في القرن الرابع فما بعده هذه العناية البالغة والكثرة الكاثرة لأقوال الأئمة فيما يتصل بالعقائد عنوا بها وحاولوا أن يصنعوا لها أسسا وقواعد وسموهم ((أهل البدع)) تارة و ((أهل الأهواء)) تارة أخرى.

وقسموا البدعة إلى قسمين:

1 - بدعة مكفرة.

2 - وبدعة مفسقة.

وقسموا البدعة المكفرة إلى قسمين أيضا

أولاها: ما اتفق على تكفير أصحابها، مثل القائلين بحلول الإله في سيدنا علي أو غيره، أو الأيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، أو وقوع التحريف في القرآن، أو نحو ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة.

وثانيها: البدع التي اختلف في تكفير أصحابها وعدمه: كالقول بخلق القرآن والنافين لرؤية الله سبحانه يوم القيامة ().

أما البدع المفسقة فهي بدعة الخوارج، والروافض الذي لا يغلون ذاك الغلو، والقدرية، والمعتزلة، والجهمية، والواقفية والمرجئة ونحوهم.

واختلف العلماء كتاب المصطلح في الاحتجاج بأهل البدع اختلافاً بيناً، فذهب جماعة من أهل النقل والمتكلمين إلى قبول أخبار أهل الأهواء كلهم وإن كانوا من أصحاب البدع المكفرة أو المفسقة بالتأويل واستدلوا على ذلك بأن أهل الأهواء متأولون غير معاندين، وأنهم اعتقدوا ما اعتقدوه ديانةً ()، وممن ذهب هذا المذهب، أعني قبول رواية كافر التأويل، هو العلامة ابن الوزير اليماني في كتابه ((تنقيح الأنظار)) ()، وأتى بأدلة كثيرة تؤيد صحة هذا القول مع مناقشة المخالفين.

وذهب آخرون-منهم فخر الدين الرازي والبيضاوي- إلى أن خبرهم يقبل إن كانوا يعتقدون حرمة الكذب ()، قال الإمام فخر الدين الرازي: ((المخالف من أهل القبلة إذا كفرناه كالمجسم وغيره هل تقبل روايته أم لا؟ الحق أنه إن كان مذهبه جواز الكذب لم تقبل روايته، وإلا قبلناه)) ().

وذهب طائفة ثالثة إلى ان المكفرين ببدعتهم لا يحتج بهم ولا يقبل رواياتهم، وقد حكى الإمام النووي الاتفاق على ذلك (). وقد رد الإمام السخاوي مسألة الاتفاق بما قدمنا (). وقد حقق الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني هذه المسألة فقال: ((والتحقيق أنه لا يرد كل مكفَّر ببدعته، لأن كل طائفةٍ تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الاطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي تُرد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله)) ().

واختلف العلماء المتأخرين في رواية المبتدعة الذين لم يكفروا ببدعتهم، فذهب قوم إلى رد روايتهم مطلقاً إذ كما يستوي في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول (). وقد رد عليهم أكثر العلماءن فقال ابن الصلاح أنه: ((مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فان كتبهم طافحة بالراوية عن المبتدعة غير الدعاة، وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول)) ().

وذهب آخرون إلى أنه يحتج بهم إن لم يكونوا يستحلون الكذب في نصرة مذهبهم أو لأهل مذهبهم سواء أكانوا دعاة أم لا ().

وذهب فريق ثالث إلى قبول رواية المبتدع إذا كان مروية مما يشتمل على ما ترد به بدعته وذلك لبعده حينيئذ عن تهمة الكذب جزماً ().

وذهب فريق رابع إلى قبول روايته إن كانت بدعته صغرى، وإن كانت كبرى فلا تقبل ().

وذهب فريق خامس إلى قبول أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء إلى بدعتهم. أما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم، لأن الداعية قد يحمله تزيين بدعته على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، وصَرّح الخطيب () بأن هذا القول هو مذهب كثير من العلماء، وصححه الحافظ ابن حجر ().

وقد ساق كل أصحاب رأي من هذه الأراء بعض النصوص المؤيدة له، واستدل بأقوال العلماء المتقدمين في ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير