تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العبرات المتساكبة على تراجم المغاربة (وقفات مع كتب الرجال .. )]

ـ[ابن الحاج الجزائري]ــــــــ[07 - 09 - 05, 08:57 م]ـ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

وبعد: فقد رأيت الشيخ المحدث أبا الأشبال أحمد محمد شاكر المصري قد تعرض في تحقيقاته الفاضلة وتعليقاته الحافلة على سنن الترمذي إلى مسألة مهمة من مسائل علم الجرح والتعديل طالما غفل عنها المشتغلون، وتغافل عنها المحققون وهي قوله:

" والذي ظهر لي بالتتبع أن كثيرا من علماء الجرح والتعديل من أهل المشرق كانوا أحيانا يخطئون في أحوال الرواة والعلماء من أهل المغرب …".

ت: والذي ظهر لي أيضا، أن منشأ الخطأ راجع إلى سببين لا ثالث لهما:

السبب الأول:

زهد أهل المغرب في علمائهم:

بل هم أحق الناس بقول من قال:أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه، وقد شكى أهل العلم منهم ذلك:

- قال أبو العرب حافظ القيروان (ت:333) -رحمه الله- " في طبقات علماء القيروان وتونس" ص:155: " وحدثني جبلة بن حمود أخبرنا سحنون قال: كان من يعرف العلم يبقى في صدره لا يسألونه عنه -يعني أهل أفريقية- فيموت به، مثل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، بقي العلم في صدره لا ينتشر عنه ولا يعرف…"اهـ.

- وقال ص:54: " وأخبرني جبلة بن حمود الصدفي قال سمعت سحنون بن سعيد يقول: " كان بأفريقية رجال عدول بعضهم بالقيروان وتونس وطرابلس… لو قورنوا بمالك بن دينار لساووه .. "اهـ.

- وقال صاحب كتاب مفاخر البربر- لمؤلف مغربي مجهول- ص:222:-نقلا من كتاب الإفتخار بمناقب علماء القيروان الأخيار" سمعت الشيخ الفقيه العالم الراوية المحدث الباحث أبا عبد الله بن عبد الملك-رحمه الله- يقول:" كان بفاس من الفقهاء الأعلام والأجلة أعيان الناس ماليس في غيرها من البلدان ولكن أهلها أهملوا ذكر محاسن علمائهم، وأغفلوا تخليد مفاخر فقهائهم…"اهـ.

- وقال ابن مريم في مقدمة كتابه "البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان" نقلا عن السنوسي - وهو يعدد فوائد ترجمة علماء بلده المغمورين-:" الرابع: أن فيه تخلصا مما عليه أهل الزمن من القدح بمن عاصرهم، وهذا خلق ذميم جدا وقد نال منه أهل المغرب خصوصا أهل بلدنا حظا أوفر مما نال غيرهم ولهذا لا يجد أكثرنا اعتناء بمشايخنا ولا يحسن الأدب معهم بل يستحي كثير منا أن ينتسب بالتلمذة لهم، رغم أن جل انتفاعه به فيعدل عن الانتساب إليهم إلى من هو مشهور عند الظلمة وربما نسب بعض من لا خلاق له العداوة والسب والأذية لمن سبقت له شيخوخته عليه ولا يبالي وذلك مذموم جدا…-إلى أن قال:- ويرحم الله المشارقة ما أكثر اعتناءهم بمشايخهم…"اهـ.

- ت: وهذا مادفع الإمام ابن حزم الأندلسي من التذمر من المغرب وأهله فقال:

أنا الشمس في جو العلوم منيرة --- ولكن عيبي أن مطلعي الغرب.

ولو أنني في جانب الشرق طالع --- لجد على ما ضاع من ذكري النهب.

وهو القائل في رسالته في المفاضلة بين علماء الأندلس وغيرهم:" أما جهتنا فالحكم في ذلك ما جرى به المثل السائر:أزهد الناس في العلم أهله. وقد قرأت في الإنجيل أن عيسى عليه السلام قال: لا يفقد النبي حرمته إلا في بلده. وقد تيقنا ذلك بما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وهم أوفر الناس أحلاما وأصحهم عقولا… ولا سيما أندلسنا فإنها خصت من حسد أهلها العلم الظاهر فيهم الماهر منهم واستقلالهم كثير ما يأتي به، واستهجانهم ما يأتي من حسناته، وتتبعهم سقطاته وعثراته، وأكثر ذلك مدة حياته بأضعاف ما في سائر البلدان، إذا أجاد قالوا سارق مغير، وإن انتحل قذع وإن توسط قالوا: غث بارد وضعيف ساقط، وإن باكر الحيازة لقصب السبق، قالوا: متى كان هذا ومتى تعلم؟ وفي أي زمن قرأ ولأمه الهبل. وبعد ذلك إن ولجت به الأقدار أحد طريقين إما شفوفا دائما يعليه على نظرائه، أو سلوكا في غير السبيل التي عهدوها فهنالك حمي الوطيس على اليائس وصار غرضا للأقوال وهدفا للمطالب، وعرضا للتطرق إلى عرضه، وربما نحل ما لم يقل، وطوق ما لم يتقلد، وألحق بما لم يفه به، ولا اعتقده قلبه، فإن لم يتعلق بالسلطان بحظ لا يسلم من المتالف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير