تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أسباب ورود الحديث]

ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 05 - 05, 05:36 م]ـ

[أسباب ورود الحديث]

تحليل و تأسيس

الدكتور: محمد رأفت سعيد

المقدمة

نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائك ورسلك سيدنا محمد، وبعد:

فقد شغلت بموضوع أسباب ورود الحديث منذ وقت طويل؛ يعود إلى مرحلة الدراسة للماجستير؛ فقد كانت تتطلب مني تتبع مرويات "معمر بن راشد الصنعاني" في كتب السنة، باعتباره من أوائل من جمع العلم؛ لأتعرف على مصادره، ومنهجه، وأثره في رواية الحديث من خلال هذه المرويات.

وأتاحت لي هذه الدراسة تأمل مرويات كثيرة، وجدت بعضها يرتبط ببعضها الآخر ارتباطًا لا سبيل إلى حسن الفهم لها جميعًا، إلا بتجميع هذه الروايات في موضع واحد، وفي مصنف واحد.

فهو ارتباط السبب بالمسبب أحيانًا، وارتباط العام بمخصصه أحيانًا، والمطلق بمقيده، والسؤال بجوابه، والوصف بملابساته وظروفه، والحكم بمقاصده.

واستمر البحث والجمع في هذا، وتأخر إخراج نتائج هذا البحث وصياغته إلى هذا الوقت رغبة في العثور على ما فقد من جهود مذكورة في هذا الموضوع.

ولما استقر الأمر على الجزم (النسبي) بعدم وجود المؤلفات المذكورة اسمًا وعنوانًا، لم أجد مبرراً في تأخير إخراج هذا البحث، محللاً ما وجدت من مؤلفات في موضوعه، ومؤسساً للمنهج الذي أراه في تقديم مصنفات جديدة، تأخذ بإيجابيات الأعمال السابقة، وتتجاوز ما يمكن الاستغناء عنه من الأمور التي وجدت في بدايات التصنيف في هذا الموضوع.

ورأيت ضرورة التقديم لهذا بفصل تمهيدي، أعرض فيه أهم الأسس في حسن الفهم للأحاديث النبوية، والتي تقي من الزلل في التعامل معها. وأتناول منها الأساس اللغوي، والتوثيق، والجمع بين الأحاديث، وإعمال قاعدة النسخ، والترجيح ووجوهه، مع تقديم بعض النماذج التي توضح هذا، لنتناول بعد ذلك بالتفصيل البحث في أسباب ورود الحديث لنتعرف على بداية التأليف في أسباب الورود، وارتباط سبب الورود بسبب النزول، واعتماد النوعين على رواية الصحابي أو التابعي، ومعرفة السببين تعين على إدراك حقيقة السبب وأبعاده، وتزيل الإشكال في الفهم.

وأسباب الورود عند السابقين: البلقيني، والسيوطي، وابن حمزة الدمشقي.

وفي الخاتمة أهم النتائج، وتقديم المنهج لتصنيف جديد.

والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الفصل الأول التمهيدي

أسس التعامل مع الأحاديث النبوية

إن حسن الفهم لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة، يقتضي تحصيل مجموعة من الأسس التي لا غنى عنها لقارئ السنة، تحقيقًا لهذا الفهم الصحيح.

وإهمال أساس من هذه الأسس يحدث اضطرابًا في الفهم واختلافًا بين النصوص؛ ليس اختلافًا ذاتياً في النصوص، وإنما اختلاف نشأ من هذا التقصير في التحصيل لدى الناظرين في السنة.

فلا يتوقع الاختلاف والتضاد بين النصوص، عندما يكون المصدر واحدًا، فإذا أضفنا إلى وحدة المصدر عصمته لأنه من وحي الله، فمحال أن يوجد بينها اختلاف (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا) (النساء:82). فالاختلاف في نصوص الوحي، ليس ذاتيًا فيها، وإنما هو من طرف واحد -إن حدث- وهو طرف الناظرين فيها بغير كفاءة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من وحي الله وتعليمه لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبيانه له، وتشهد بذلك آيات القرآن الكريم (وأنزلنا إليك الذكر لتُبيّن للناس ما نُزِّل إليهم) (النحل:44). وقال تعالى: (ثُمّ إنّ علينا بيانه) (القيامة:19). فالبيان للقرآن الكريم في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا البيان تكفل به تعليمًا لرسوله (وعلّمك ما لم تكن تعلم) (النساء:113). وحفظًا له (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر:9).

ولذلك فإن وجود الاختلاف والتضاد، لا يتجاوز عقول الناظرين في السنة. والتخلص منه، يكون بالوقوف على هذه الأسس التي نذكرها في هذا المبحث على سبيل الإجمال، مصحوبة بنماذج من تصحيح الفهم تشهد لسلف هذه الأمة، بالعناية بهذه المسألة لنفرد بعد ذلك بشيء يسير من التفصيل أساسًا يحتاج إلى تحليل ما كتب فيه -وهو يسير- وتأسيس منهج نسير عليه، طلبًا للمزيد من هذه النماذج، التي عُني فيها بأسباب ورود الحديث. فمن هذه الأسس:

الأساس اللغوي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير