[هل الجهالة جرح أم توقف]
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[23 - 10 - 05, 06:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربالعالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
إن حملة الرواية معدلون تعديلا عاما بقول النبي صلى الله عليه وسلم (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله .. ) وحتى تق ل رواية الراوي يحتاج إلى تعديل خاص من أئمة الإسلام أهل العناية بالرواية ونقلة الحديث.).
وعليه فإن قول القائل أن الأصل في حق الرواة الجرح حتى يستبين لنا حالهم هذا القول فيه نزاع.
والذي بدا لي أن الأصل في الرواة الذين لم يعرف حالهم بجرح ولا تعديل التوقف حتى يعلم حا لهم إما بالنص أو بالاستقراء أو بالقرائن ..
وعليه فإن عدم أخذ المحدثين براوية المجاهيل الذين لم يظهر حالهم ليس من باب الجرح وإنما من باب التوقف حتى يظهر حالهم.
ومن المعلوم أن العلماء قاموا بتقسيم المجهول إلى قسمين مجهول العين ومجهول الحال وهذان القسمان جملة يرد حديثهما خاصة عند المتأخرين لأن الإسناد لم تتحق فيه شروط القبول إلا ما كان من اعتبارات و استثاءات تأتي بعد قليل إن شاء الله.
وعليه: ليس كل من قال فيه إمام أنه مجهول يكون جرحا له وخاصة عند المتقدمين قال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين متى يكون الرجل معروفا إذا روى عندكم؟
قال: إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي وهؤلاء أهل العلم فهو غير مجهول.
قلت: فإذا روى عن الرجل مثل سماك بن حرب وأبي إسحاق قال هؤلاء يرون عن مجهولين) شرح علل الترمذي (80).
بل (وابن المديني اشترط أكثر من لك فإنه يقول فيمن روى عنه يحيى بن أبي كثير وزيد بن أسلم معا أنه مجهول) المرجع السابق ... وقال في داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص ليس بالمشهور مع أنه روى عنه جماعة ... وقال في عبد الرحمن بن أبي وعلة أنه مجهول مع أنه روى عنه جماعة ولكن مراده أنه لم يشتهر حديثه ولم ينشر بين العلماء.
وقد صحح حديث بعض من روى عنهم واحد ولم يجعله مجهولا.
وقال في خالد بن عمير لا أحد روى عنه غير الأسود بن شيبان ولكنه حسن الحديث وقال مرة حديثه عندي صحيح.
وظاهر هذا أنه لا عبرة بتعدد الرواة وإنما العبرة بالشهرة ورواية الحفاظ الثقات).
بل قد جهل عدد من العلماء رواة هم عند غيرهم ليسوا بالمجاهيل.
قال السيوطي في التدريب: (جهل جماعة من الحفاظ قوما من الرواة لعدم علمهم بهم وهم قوم معروفون بالعدالة عند غيرهم وأنا أسرد ما في الصحيحن من ذلك.
1 - أحمد بن بن عاصم البلخي جهله أبو حاتم ووثقه أبن حبان وقال روى عنه أهل بلده.
2 - إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي جهله ابن القطان ... .
4 وأسباط أبو اليسع جهله أبو حاتم وعرفه البخاري ... ).
والقصد لو كانت الجهالة جرحا لما اعترض على أبي حاتم في ذلك وللزم الترجيح في كل من جهل على أصل الترجيح بين ألفاظ الجرح والتعديل. .
وانظر في ذلك تتمة الرفع والتكميل (182 - - 185) وقواعد التحديث (270).)
ومما قد يشكل في هذا المعنى قول الإمام الذهبي في مقدمة الميزان أن المجهول غير محتج به لكن هذا الإشكال يزول بالتطبيقات والتي تغاير معنى الجرح الذي ذهب إليه البعض. .
قال رحمه الله في مقدمة الميزان ( .. ثم على خلق من المجهولين ممن ينص أبو حاتم على أنه مجهول أو يقول غيره لا يعرف أو فيه جهلة أو يجهل أو نحو ذلك من العابرات التي تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق إذ المجهول غير محتج به .. ).
وقوله غير محتج به ليس من باب الجرح للراوي بل من باب التوقف ويدل على ذلك أمور.
قال في ترجمة سمرة بن سهم (تابعي لا يعرف فلا حجة فيمن ليس بعروف العدالة ولا انتفت عنه الجهالة).
فقوله ليس بمعروف العدالة لا يعني الجرح وإلا لقال مجروح بالجهالة.وكذا قوله في أبي المبارك الذي يروي عنه عطاء (لا تقوم به حجة لجهالته).
وقال في ترجمة نوح بن المختار: (وقال أبو حاتم لا يعرف) (قوله لا يعرف ليس بجرح فقد عرفه يحيى ووثقه).
ومما يعزز هذا قول ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (قال: سألت أبي عن رواية عن رجل غير ثقة مما يقويه؟.
قال إذا كان معروفا بالضعف لا تقوه روايته عنه. وإذا كان مجهولا نفعته رواية الثقة عنه).
¥