تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجواب أن الضبط ملكة بالنسبة لجملة أحاديث الراوي، إلا أنه قد يحتمل أن يقع منه وهم في بعض ما يرويه، لذلك صرحوا بنفي الشذوذ.

الشرط الخامس: ألا يكون الحديث معلاً.

والحديث المعلل هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحة الحديث مع أن ظاهره السلامة منها. وهو على قسمين: معلل السند، ومعلل المتن.

وهذا الشرط يفيد في خلو الحديث من أي وصف قادح في صحة الحديث يكون الحديث بحسب الظاهر سليماً منه.

وتعبيرنا بقولنا "ولا معلاً" موافق لعبارة ابن الصلاح، وهو أصح وأدق من تعبير غيره بقوله "من غير شذوذ ولا علة" وهو تعبير درج عليه بعض العصريين، وذلك لأن كلمة "علة" تطلق على نوعين، علة قادحة، وعلة غير قادحة كما هو مقرر في أصول الحديث، فلم يكن التعبير بـ "علة" صريحاً في المراد، أما المعلل فلا يكون إلا متضمناً في باطنه وصفاً قادحاً في صحة الحديث.

وهذان الشرطان الأخيران يستوجبان بحث الحديث من ناحية متنه على ضوء علوم المتن كلها، وذلك لأنه لا يمكن الحكم على المتن بالشذوذ أو الإعلال أو بسلامته منهما إلا بعد دراسته من جميع الوجوه، وقد تكفلت بذلك علوم المتن.

كذلك يستوجب هذان الشرطان بحث الحديث من ناحية تفرد الراوي به أو عدم تفرده؛ وأنه قد تعدد رواته، وهل التعدد وقع من الرواة مع الاتفاق في المروي أو مع الاختلاف في المروي، وهو بحث يشترك فيه السند والمتن، وفيه ثلاث مجموعات من علوم الحديث هي:

أولاً: تفرد الراوي بأي نوع من أنواع التفرد.

ثانياً: مجموعة علوم تعدد رواة الحديث مع اتفاقهم.

ثالثاً: مجموعة علوم تعدد رواة الحديث مع اختلافهم.

وربما يتوهم بعض الناس الاكتفاء بالحديث المعلل عن المجموعة الثالثة وتضم عشرة أنواع من علوم الحديث، منها الحديث المعلل؟ لكن هذا ليس صحيحاً، لأن أسباب القدح في الحديث المعلل كثيرة، تستنبط من الأنواع الأخرى لاختلاف الروايات سنداً أو متناً، ويستعان بها للتوصل إلى إعلال الحديث.

وهكذا اشتملت شروط الحديث الصحيح على اختبار الحديث سنداً ومتناً من جميع جوانب البحث، واتضح بطلان ما وقع في كلام بعض المستشرقين من ادعائهم أن المحدثين ينظرون في نقدهم للحديث إلى الشكل فقط، فقد تبين من هذا البحث الموجز كيف احتاج الحكم بتصحيح الحديث إلى إعمال كل قواعد المصطلح، وأن هذه القواعد تعنى بدراسة المضمون "المتن" من جميع الجهات كما تعنى بدراسة السند أيضاً.

وقد أصبح هذا الشرح والفهم العميق الكلي للحديث الصحيح ميسراً بنتيجة ما وفقنا إليه بفضل الله تعالى من التوصل إلى صياغة هذا العلم صياغة جديدة تدرس قواعده في شكل نظرية نقدية متكاملة، تتألف فيها أنواع علوم الحديث، وتدرس كل مجموعة من المجموعات التي سبق أن ذكرناها في باب مستقل بعد أن كانت مفرقة مختلطة ببعضها، وتنتقل بقواعد هذا العلم من التجزيء إلى التكامل، ومن المسائل المتفرقة التي قد يظن أنها وضعت دون غاية إلى النظرية المتناسقة التي تجلو دقة علم المصطلح وشموله، وقد أبرزنا ذلك ههنا في شرح تعريف الصحيح بإجمال يلقي ضوءاً على الفكرة العامة لهذه النظرية، ويوضح في نفس الوقت دقة علماء الحديث في هذه الشروط التي جعلوها دليلاً على صحة الحديث وأن رواته أدوه كما سمعوه.

وذلك أن العدالة والضبط يحققان أداء الحديث كما سمع من قائله، واتصال السند على هذا الوصف، في الرواة يمنع اختلال ذلك في أثناء السند، وعدم الشذوذ يحقق ويؤكد ضبط هذا الحديث بعينه، وعدم الأعلال يدل على سلامته من القوادح الخفية بعد أن استدللنا بسائر الشروط على سلامته من القوادح الظاهرة، فكان الحديث بذلك صحيحاً لتوفر عامل النقل الصحيح، واندفاع القوادح الظاهرة والخفية، فيحكم له بالصحة بالإجماع.

تقسيم الخبر من حيث عدد رواته:

يقسم المحدثون الخبر من حيث عدد رواته إلى أربعة أقسام (7):

1 - الفرد المطلق، وهو الذي ليس له إلا راو واحد، ويسمى أيضاً الغريب سنداً ومتناً.

2 - العزيز، وهو ما رواه اثنان.

3 - المشهور: وهو ما رواه جمع محصور بثلاثة فأكثر ولم يبلغ درجة التواتر.

4 - المتواتر وهو الخبر الذي رواه جمع كثير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إلى نهاية السند، وكان مستندهم الحس.

أما علماء أصول الفقه فيقسم الجمهور منهم الخبر إلى قسمين:

القسم الأول: الخبر المتواتر، وقد عرفته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير