ثانياً: الذي ضعفه الشيخ ليس في صحيح مسلم بل رواية أخرى للحديث من طريق المسعودي عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فقال لها أين الله فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها فمن أنا فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء يعني أنت رسول الله فقال أعتقها فإنها مؤمنة، ضعيف أبي داود [جزء 1 - صفحة 331].
وأمّا الذي في صحيح مسلم فقد جاء من طرق عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ وفيه)) وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدم، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ?، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عليَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)).
وهذه الرواية صححها الشيخ الألباني في عدد من كتبه.
????
السؤال14: هل حديث الشجة المشهور متفق على ضعفه؟ وما علته؟ وهل له شواهد تقويه؟
الجواب:
يقصد الأخ السائل-وفقه الله- الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه (336) قال: حدَّثنا مُوسَى بن عَبْد الرَّحْمن الأَنْطَاكِي، حدَّثنا مُحَمد بن سَلَمَة، عن الزُّبَيْر بن خُرَيْق، عن عَطَاء، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
((خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ r ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللهُ، أَلاَ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِرَ، أَوْ يَعْصِبَ، (شَكَّ مُوسَى) عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ.)) ..
والحديث مختلف في صحته فمن النقاد من قواه، ومنهم من ضعفه، فممن قواه-أو قوى بعض طرقه- ابن السكن، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن الملقن –كما في البدر المنير (2/ 615) -ويلاحظ أن غالب المقوين للحديث ممن لا يلتفت للعلل الدقيقة والعلة هي السبب الرئيس لضعف هذا الحديث في نظري، وممن ضعفه الدارقطني، وقال البيهقي: «ولم يثبت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن رباح مع الاختلاف في إسناده ومتنه» معرفة السنن والآثار (1/ 301).
وعلته أنَّ الزُّبَيْر بن خُرَيْق مع لينه خالف الأوزاعي في إسناده ومتنه، وقد بين هذا الدارقطني فقال في السنن (1/ 350): «قال أبو بكر: هذه سنة تفرد بها أهل مكة وحملها أهلُ الجزيرة.
لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق، وليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس واختلف على الأوزاعي فقيل عنه عن عطاء، وقيل عنه بلغني عن عطاء، وأرسل الأوزاعي آخره عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب» قلتُ: وأبو بكر الذي نقل عنه الدارقطني في أول الكلام شيخه عبد الله بن سليمان السجستاني وهذا الحديث من روايته عنه.
فالخلاصة أن حديث الشجة لا يصح، ولا أعرف للحديث شواهد قوية يعتضد بها.
ومما ينبغي التفطن له أن بعض الباحثين يورد الاختلافات الواقعة في رواية عطاء ظانا أنها من قبيل المتابعات والشواهد، وهي في الحقيقة تزيد الحديث وهنا!!، وهذا الذي يجعلنا نحث الأخوة على العناية بعلم علل الحديث، ونقرر أنه لا يجوز لمن جهل هذا الفن أن يحكم على الأحاديث، لأنه سوف يصحح أحاديث متفق على ضعفها، ويضعف أحاديث صححها من تقدم، ومن هنا أوتي بعض الفضلاء الذين اشتغلوا بالتصحيح والتضعيف دون تحديد منهجية ثابتة لهم في باب علل الحديث.
????
السؤال15: أورد الحافظ ابن حجر في فتح الباري،، (الجزء العاشر، صفحة 735،حديث 6221)،،،، حديثاً نقله عن التهذيب للطبري وجود إسناده، ونص الحديث: عن أم سلمة قالت: عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد لله، فقال له النبي: يرحمك الله، وعطس آخر، فقال: الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا مباركا فيه، فقال: ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة".إلا أني بعد البحث لم أجد للأسف متن الحديث، وحقيقة لا أدري ربما يكون من القسم المفقود للتهذيب (المخطوط)، فهل لنا أن نورد الحديث ونحكم بصحة الحديث ونحن لم نرى متنه؟
الجواب:
يبدو أن كلمة (الإسناد) تصحفت إلى (متن) في سؤال الأخ –بارك الله فيه- فيكون صواب السؤال:إلا أني بعد البحث لم أجد للأسف إسناد الحديث، .. فهل لنا أن نورد الحديث ونحكم بصحة الحديث ونحن لم نرى إسناده؟ لأن متن الحديث مذكور في السؤال، والذي لم يذكر الإسناد فقط.
وعلى كل حال لا بد للحكم على الحديث من نظرين:
-نظر في الإسناد ومدى استيفائه لشروط القبول.
-ونظر في المتن للتأكد من سلامته من النكارة والشذوذ.
وعليه في مثل هذه الحالة نتوقف عن الحكم حتى نجد علما.
وفي مسألتك نجد أنّ الحافظ ابن حجر قد كفاك مؤنة الحكم على الإسناد فقال: «خرج أبو جعفر الطبري في التهذيب بسند لا بأس به عن أم سلمة قالت ... »، وهنا خرجت أنت من العهدة بنقلك كلام ابن حجر، ومن أحيل على مليء فليتبع!.
¥