وقد ذكر سبحانه فضله ومنته على أنبيائه ورسله وعباده بما آتاهم من العلم , فذكر سبحانه نعمته على خاتم أنبيائه ورسله فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ من شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)} [سورة النساء: 113]
وقال في يوسف عليه السلام: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)} [سورة يوسف: 22]
وقال في كَلِيمِهِ مُوسى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)} [سورة القصص: 14]
وقال في حَقِّ الْمَسِيحِ: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاس فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} [سورة المائدة: 110] فجعل تعليمه مما بشر به أمه وأقر عينها به.
وقال في حَقِّ داود: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)} [سورة ص: 20]
وقال في حَقِّ الخضر صاحب موسى وفتاه: {فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً من عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ من لَدُنَّا عِلْماً (65)} [سورة الكهف: 65]
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [سورة الأنبياء: 78 - 79] فذكر النبيين الكريمين وأثنى عليهما بالحكم والعلم , وخص بفهم القضية أحدهما.
وحصر سبحانه الخشية منه على العلماء , فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)} [سورة فاطر: 28]
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذين يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [سورة الزمر: 9].
وَقَالَ تَعَالَى: {يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذين آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [سورة المجادلة: 11].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا؛ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ. (1)
فالعلم دينٌ فانظر ممن تأخذ دينك , فإن وجدت من تأمنه على دينك؛ فخُطَاك أشرفُ خُطى؛ فقد سهل الله لها الطَّريق إلى الجنة.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ , فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ. (2)
الإخلاص في طلب العلم
الإخلاص في طلب العلم
فالإخلاص لا يكون إلا بتجريد العمل لله سبحانه وتعالى بحيث لا تشوبه ذرةُ شركٍ , ولا تُحيطُ به شبهةُ رياء , وعلى هذا فإن الإخلاص هو ميزان الأعمال كلها , وعلى قدر توفره يكون الأجر , ويكون بتخليصِ العملِ تَمَامًا لله سبحانه وتعالى.
والإخلاص من أجلِّ عبادات القلب وأعظمها , إذ هو مصفاة الأعمال كُلِّها , فأي عمل لا يقبله الإخلاص فهو هباء منثور , وليس لصاحبه منه إلا النَّصَبُ والتَّعَبُ , قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاة وَيُؤْتُوا الزّكاة وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [سورة البينة: 5]
وقال تَعَالَى: {فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمر: 2 - 3]
وقال تَعَالَى: {قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)} [سورة الزمر: 14]
¥