تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنَّ حرص المُحَدِّثين على رواية المُصَنَّفات والأجزاء الحديثية، وتخريجها في مُصَنَّفاتهم، ومحاولة رواية هذهِ النُّصوصِ في مشيخاتهم ومصَنَّفاتهم وبأسانيدَ عالية قد غدت ظاهرة واضحة لِمُعْظَمِ معاجمِ الشيوخِ والمشيخاتِ التي صُنِّفَت بعد القرن الخامس، الأمر الذي يجعلنا نقول: إنَّ هذا النَّوع مِنَ المُصَنَّفات قد أضحى هو البديل المناسب عن التصنيف في المُسْتَخْرَجات.

وقد وصَفَ الإمام السَّخاويُّ أُسلوبَ أصحاب المشيخات في روايتهم للمُصَنَّفات

قائلاً: وصنيع أصحاب المشيخات في إيرادِ الأحاديثِ المرويَّةِ عن شيوخهم هو مثل صنيع أصحابِ المُستَخْرجاتِ، وهو أن يَعْمَدَ حافظٌ إلى ((صحيحِ البُخارِيِّ)) مثلاً، فيورِدَ أحاديثهُ بأسانيدَ لِنَفْسِهِ غير مُلْتَزِمٍ فيها ثِقَة الرُّواة إلى أن يَلْتَقي معهُ في شيخِهِ، أو شيخ شيخهِ، وهكذا ولو في الصَّحابيِّ، وأصحاب المُسْتَخْرَجاتِ وأكثر المُخَرِّجينَ للمشيخات والمعاجمِ يورِدونَ الحديثَ بأسانيدِهِم، ثُمَّ يُصَرِّحونَ بعدَ انتهاء سياقهِ غالباً بعزوهِ إلى البخاريِّ، أو مُسْلِمٍ، أو إليهِما مَعَاً، مع اختلافٍ في الألفاظِ وغيرها، يُريدونَ أصلَه ([134]).

ولقد سلك المُحَدِّثون في بعضِ معاجم الشُّوخِ والمشيخات مسلكاً جديداً في روايتهم للنُّصوصِ المُتَقَدِّمةِ، أضحى البديل المُناسبَ للمُسْتَخْرَجات، ويرتبط معها بالرَّوابطِ العُضويَّةِ نفسها، وَتَمَثَّلَ هذا المَسْلَك في ابتكار أسلوب العُلُوِّ في الإسناد، وأقسامه المُختلفة، وتتبع الطُّرق المُختلفة للرِّواية الواحدة، وعلى ذلكَ قامت مناهج العديد من المعاجم والمشيخات التي صُنِّفت بعد القرن الخامس. . ولكي يأخذ القارئ فكرةً واضحةً عن علم التَّخريجِ، والصِّلة بينَ المُستَخْرَجات، ومعاجم الشُّيوخ والمشيخات، لابد أن نضرب لهُ أُنموذجاً واحداً يبين لنا الرَّوابط المشتركة بين هذهِ الفنين، ولنأخذ هذا المثال مِن خلال الترجمة (43) من تراجم كتاب:

إرشَادُ الطَّالبينَ إلى شُيُوخِ قَاضِي القُضَاةِ شَيخِ الإسلامِ أبي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ عبدِالله بْنِ ظَهِيْرَةَ جَمال الدِّينِ المتوفَّى سنة (817هـ)

تخريجُ الإمامِ الحافظِ غَرْسِ الدِّينِ أبي الحَرَمِ خَليلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحيمِ بْنِ عَبْدِالرَّحمنِ الأَقْفَهْسِيِّ، المتوفَّى سنة (821هـ) ([135]). {43}

مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِاللهِ بنِ عليِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِالسَّلاَمِ ابن أبي المَعَالي ابنِ أبي الخيِر بنِ ذَاكِرِ ابن أحمدَ بن الحَسَنِ بنِ شَهْرَيار، الكَازَرُونِيُّ الأصل، المَكِّيُّ، أبو عَبْدِاللهِ، جمالُ الدِّينِ، رئيسُ المُؤَذِّنينَ بالمَسْجِدِ الحَرَامِ.

وُلِدَ بِمَكَّةَ في شَهْرِ رَمَضَانَ، سنةَ إحدى عشرة وسبعمائة.

وسمعَ من الإمامِ رَضِيِّ الدِّينِ الطَّبَرِيِّ ((عُلُوم الحديث)) ([136]) لابن الصَّلاَح ([137])، بإجازته من مؤلِّفِهِ، وغير ذلك، وحَدَّثَ.

سمعتُ منهُ، وكان عارفاً بعلم الميقات، وَأَلَّفَ في ذلك ((أرجوزة)) ([138]).

ومات في شَوَّالٍ، سنة سبع وسبعين وسبعمائة، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.

أخبرني أبو عَبْدِاللهِ مُحَمَّدُ بن عَبْدِاللهِ بن عليِّ بن مُحَمَّدِ بن عَبْدالسَّلاَمِ المُؤَذِّن، وأبو العَبَّاس أحمدُ بن مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ القَسْطَلاَّنِيُّ، وأبو مُحَمَّدٍ عبدُاللَّهِ بن مُحَمَّدِ ابن مُحَمَّدِ بن سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيُّ ([139])، قِرَاءَةً عليهم وَأَنا أَسْمَعُ بالمَسْجِدِ الحَرَامِ، قالوا: أنا أبو أحمدَ إبراهيمُ بنُ مُحَمَّدٍ الإمامُ، قِرَاءَةً عليه وَنَحْنُ نَسْمَعُ قال: أنا عَمُّ أبي يعقوبُ ([140]) ابن أبي بكرٍ الطَّبَرِيُّ، قِرَاءَةً عليه وَأَنا أَسْمَعُ، قال: أنا أبو الفُتُوحِ نَصْرُ ([141]) ابن أبي الفرجِ بن عليِّ ابن الحُصْرِيِّ، قِرَاءَةً عليه وَأَنا أَسْمَعُ، قال: أنا أبو طَالِبٍ مُحَمَّدُ ([142]) بنُ مُحَمَّدِ ابن أبي زيدٍ العَلَوِيُّ البَصْرِيُّ، قِرَاءَةً عليه وَأَنا أَسْمَعُ، قال: أنا أبو عَلِيٍّ عليُّ ([143]) بن أحمدَ التُّسْتُرِيُّ، إجازةً إنْ لم يكن سماعاً، قال: أنا القاضي أبو عُمَرَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير