تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: قوله ــ رحمه الله ــ (ولا يقال: إن مخالفة المشركين تقتضي ـ الآن ـ حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين في الجيوش، وفي خارجها يطلقون اللحى الخ) يضاف إليه أن الذين يطلقون اللحى من غير المسلمين قلة إذا ما قيسوا بعامة هؤلاء الكافرين، وأكثرهم من الذين يشتغلون بالدين، و على ذلك يبقى عموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة المشركين لأن عامة المشركين الحالقين أكثر بكثير من الذين أطلقوا اللحى.

تحت عنوان: معاملة أهل الذمة من ص93 إلى ص101 من كتابه، ذكر الكاتب بعض الآيات التي تبيح بر أهل الكتاب، و نقل بعض الأحاديث و الآثار في هذا المعنى، و أقوالاً لبعض العلماء، ثم قال في نهاية المطاف: ــ فلا مشاحة في أن نقول إخواننا النصارى، أو نقول إخواننا وأبناء وطننا من النصارى، ولا عيب أن نتناصح و نتشارك في المصالح الوطنية المشتركة. فهذا خطيب الأنبياء شعيب عليه الصلاة و السلام يقول لقومه المخالفين? وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ ? (هود:88) إن العقيدة و العبادة لا إكراه فيها، والقاعدة التي سنها الصحابة رضوان الله عليهم هي: (اتركوهم و ما يدينون) أما المصالح ودرء المفاسد عن المجتمع الذي يعيش فيه المتخالفون في العقيدة فالواقع و الشرع يقتضي التفاهم والتعاون و النظر سوياً في الأمور العامة و المرافق المشتركة و العلاقات اللازمة، ولذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية خطب الإمام حسن البنا في مؤتمر حاشد في مدينة طنطا بجانب الأستاذ ناصف ميخائيل، و كان الأستاذ وهيب بك دوس المحامي والأستاذ لويس فانوس المحامي والأستاذ كريم ثابت الصحفي أعضاء في لجنة سياسية شكلها مكتب إرشاد الإخوان المسلمين. اهـ

قلت: هكذا!!

قال الإمام القرطبي ــ رحمه الله ــ في تفسير قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ?

فيه ست مسائل:

الأولى: أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار وهو متصل بما سبق من قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ? و البطانة مصدر، يسمى به الواحد والجمع. وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره.

الثانية: نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك فلا ينبغي لك أن تحادثه، قال الشاعر: عن المرء لا تسأل و سل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتديو في سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المرء على دين خليله فلنظر أحدكم من يخالل" و روى عن ابن مسعود أنه قال اعتبروا الناس بإخوانهم. ثم بين تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال:" لا يألونكم خبالاً" يقول فساداً يعني لا يتركون الجهد في فسادكم، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة.

وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذمياً فكتب إليه عمر يعنفه وتلا هذه الآية. وقدم أبو موسى الأشعري على عمر رضي الله عنهما بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه وجاء عمر كتاب فقال لأبي موسى: أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس؟ فقال: إنه لا يدخل المسجد. فقال: لم! أجنب هو؟

قال: إنه نصراني. فانتهره وقال: لا تدنهم وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تؤمنهم وقد خونهم الله وقيل لعمر رضي الله عنه: إن هاهنا رجلاً من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخط بقلم أفلا يكتب عنك؟ فقال: لا آخذ بطانة من دون المؤمنين. فلا يجوز استكتاب أهل الذمة ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم.

قال القرطبي: قلت: وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء فتسود بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير