تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن هذا ما نقله تحت عنوان (الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم) من أقوال لبعض العلماء، وما لم ينكره العلماء من الإحتفال بمولد النبي هو صوم يوم الإثنين. فلا يجوز للكاتب أن يجعل العنوان (الإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم) ثم يورد تحته عدم إنكار بعض العلماء، وقد علم الذي أباحه العلماء من الإحتفال.

وإنما أنكر العلماء التجاوزات التي تحدث من كثير من المسلمين بحجة الاحتفال بالمولد، فقد أصبح لفظ المولد علماً على التجاوزات التي يصنعونها وفيها مخالفات كثيرة للشرع كما لا يخفى، فإذا ذكر المولد النبوي، جال في الخاطر تلك الإحتفالات، لذلك قلنا لا يجوز للكاتب صنيعه هذا لأن القاريء سيظن أنه يبيح تلك المخالفات، ويقول: إنها بدعة حسنة فقد فتح الكاتب لهم الباب في ذلك، فكل من أعجبه أمر من الأمور ووافق هواه قال لنا إنه من البدع الحسنة. وما أحسن قول العلماء، فقد ورد عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيهما الركوع والسجود، فنهاه، فقال: يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة

. وفي ص108 عنون الكاتب قال: مجالس الذكر الجماعي، ثم ذهب يستدل على حسن بعض البدع ظناً منه أن الذكر الجماعي بدعة.

قلت: وليس الأمر كذلك، ولكن ينظر في كيفية الذكر، فإن كان يوافق ما كان عليه النبي وأصحابه كان من السنة، وإن كان مما يخالفهم كان من البدع، ولا توجد بدعة حسنة بل كل البدع سيئة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " وكل بدعة ضلالة".

وما هذه الدروس الدينية في مساجد أهل السنة إلا من الذكر الجماعي، أفلا يكون الذكر إلا بالتمايل والأقوال التي تخالف الشرع؟.

ومن العجيب أنه أشار إلى أثر لابن مسعود رضي الله عنه، ووضعه على غير موضعه كما فعل من قبل في ص16 من نفس الكتاب، فقال الكاتب في ص109:" .. و هو ما رواه أحمد في كتاب الزهد عن أبي وائل، قال: هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر، ما جالست عبد الله مجلساً قط إلا ذكر الله فيه. انتهى. وأخرج الإمام ابن وضاح القصة وفيها: أن ابن مسعود بلغه أن عمرو بن عتبة في أصحاب له بنوا مسجداً بظهر الكوفة، فأمر عبد الله بن مسعود بذلك المسجد فهدم، ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحاً معلوماً. فقال ذلك عنهم. وروى القصة أيضاً الدارمي وفيها: فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. انتهى. وأقول: هذا كله يدل على أن هؤلاء كانوا مشهورين بالتشدد والخروج على الجماعة، وقد كان زمن فتنة، ولذلك هدم مسجدهم وتتبعهم وقال عنهم ما قال، فإن الأحاديث الواردة في فضل الذكر الجماعي لم تكن لتخفى على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. " إنتهى كلامه.

قلت: فهم الكاتب أنه نهاهم عن الذكر الجماعي، وليس الأمر كذلك، وإليك الحديث: ــ

روى الدارمي عن عمرو بن سلمة: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: ياأبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر ـ والحمد لله ـ إلا خيراً. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة. فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك وانتظار أمرك. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيعن من حسناتهم شيء؟ ثم مضى و مضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير