تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما إذا كان مملوكا فقد نصت نصوص الكتاب والسنة على أنه ملك لسيده، مأمور بالقيام بحقه؛ ولذلك قال تعالى: {عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} ووصفه بهذا الوصف وقد ذكرنا غير مرة أن الإسلام ضرب الرق دون نظر إلى جنس ولا لون ولا بلد، وإنما أوجب الرق على من كفر بالله في الجهاد الشرعي بإذن ولي الأمر، فإذا ضرب الرق على هذا الوجه فقد ضرب على من يستحقه؛ لأن الآدمي كرمه الله وشرفه، فإذا كفر بالله ووقف في وجه الإسلام حاملا سلاحه مقاتلا للمسلمين نزل إلى مقام أحط من مقام البهيمة؛ كما قال تعالى: {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل} فقد كفر نعمة سيده ومولاه، فحكم الله عليه بالرق، وفي هذه الحالة يكون ملكا لسيده كما قال تعالى: {وما ملكت أيمانهم} وعليه فإنه لا يخاطب بالحج ولا يجب عليه إلا بعد أن يعتق.

قال رحمه الله: [إذا استطاع إليه سبيلا]: إذا استطاع إليه سبيلا: هذا الشرط الأخير وهو شرط الاستطاعة؛ والأصل فيه قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} أي استطاع سبيلا إلى البيت الحرام وأداء المناسك في الحج والعمرة.

وأجمع العلماء -رحمهم الله- على اعتبار شرط الاستطاعة من حيث الأصل، وعلى هذا فلو كان فقيرا أو ليس عنده زاد أو ليس عنده نفقة الذهاب إلى مكة؛ فإنه لا يجب عليه الحج، وهذا شرط وجوب، وعلى هذا فلو أنه حج وهو غير مستطيع فتكلف المشقة وحج من عند نفسه

فإنه يصح حجه ويجزيه، ولا يعتبر موجبا لعدم صحة حجه.

فأصبحت شروط الحج منها ما هو شرط صحة وإجزاء ووجوب وهو شرطا الإسلام والعقل، ومن الشروط ما هو شرط وجوب وإجزاء وهو الحرية والبلوغ، ومنها ما هو شرط وجوب فقط وهو النفقة والاستطاعة. هذا حاصل ما ذكره العلماء بالنسبة لشروط الحج، وقد أجملها المصنف -رحمه الله- وبينّها بهذا الترتيب: الإسلام، ثم البلوغ، ثم البلوغ، ثم الحرية، ثم الاستطاعة.

وقسمها العلماء إلى هذه الثلاثة الأقسام: شروط وجوب وصحة وإجزاء، وشروط وجوب وإجزاء، وشرط وجوب، وهو شرط الاستطاعة كما ذكرنا.

قال رحمه الله: [وهو أن يجد زادا وراحلة بآلتهما]: وهو أن يجد زادا وراحلة بآلتهما: إذا كان يشترط في وجوب الحج على الإنسان أن يكون مستطيعا، فالاستطاعة أن يجد زادا ومركوباً بآلة المركوب وآلة الزاد لإصلاح الطعام ونحو ذلك، فإذا تيّسر له ذلك فقد وجب عليه الحج، وعلى هذا ينظر في الاستطاعة إلى الآلة التي يصل بها كالدابة والسيارة، وهذا مذهب الجمهور -رحمهم الله-.

ومن أهل العلم من قال: لا تشترط الدابة والركوب، بل إنه يجب عليه إذا كان قادرا على المشي كقوله تعالى: {وأذن في الناس للحجّ يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}

{وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا} قال: يأتوك رجالا فدل على أن الركوب ليس معتبرا في الزاد، وقد جاء في السنة ما يدل على اشتراط الركوب، ولاشك أن الأصل يقتضي أنه إذا كان بعيدا مسافة السفر لابد من أن يتهيأ له ما يوصله إلى البيت، فهذه الدابة إذا كان يملكها فلا إشكال، وإن كان لا يملكها نظرنا في أجرة مثله للركوب، فإذا كانت أجرته مائة ريال في ركوبه وذهابه للحج وإيابه فإننا نقول إذا ملك المائة لركوبه، ثم ننظر في طعامه ونفقة الطعام فإذا كانت تُكلّفه مثلا مثلها فإننا نقول إذا كان عنده المائتان وأمن الطريق وليس في الطريق خطر عليه فإنه يجب عليه أن يحج؛ لأنه يستطيع أن يصل إلى البيت، وهذا المذهب يقوم على تفسير الاستطاعة بشرطين: الراحلة، والزاد، كما ورد التفسير في السنة. الراحلة وهو المركوب الذي يركبه لبلوغ مكة كما في زماننا سيارة الأجرة تنزّل منزلة الراحلة، فإذا وجد من يستأجره أو وجد صديقا يقله ويحمله فحينئذ يسقط الأجرة إذا لم يكن في حمله ضرر كما يقول العلماء إذا لم تكن منة عليه وفي ذلك أذية عليه فلابأس، وحينئذ يسقط شرط الراحلة؛ لأنه في حكم من ملك الراحلة.

أما بالنسبة للنفقة فالمراد بها نفقة الأكل ونفقة السكن في ذهابه للنسك وإيابه.

ومن أهل العلم من اعتبر الذهاب دون الإياب؛ والصحيح أنه معتبر بالذهاب والإياب، إذا قدّرت النفقة:

فأولا: تقدر ذهابا وإيابا.

ثانيا تقدر للركوب وللأكل.

ثالثا يقدر معها السكن لمثله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير