تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال المصنف: [على التأبيد] فخرج المحرم من النساء على التأقيت، فمثلا أخت الزوجة نجد بعض الأزواج الآن يجلس مع أخت زوجته، فإن قيل له: لماذا تفعل هذا؟ يقول: إنها محرّمة علي، ولا يفرّق بين التحريم والمحرمية، فليس كل مُحرَّم نكاحها مَحْرما للإنسان، الأجنبية محرّم نكاحها لكن ليس معنى ذلك أنها محرم له، فأخت الزوجة تحرمها مؤقت؛ لأنه إذا طلق أختها وخرجت من عدتها حل له أن ينكحها، فليست بمحرم؛ لأنها محرمة على التأقيت، وهكذا المطلقة ثلاثا؛ فإنها محرمة على التأقيت حتى تنكح زوجا غيره، وهكذا بالنسبة لبقية المحرمات كما في مانع الكفر ومانع الزنا وغيرها من الموانع المؤقتة، فبين رحمه الله أن التحريم لا يكون إلا من جهة المحرمات على التأبيد.

قال رحمه الله: [فمن فرط حتى مات أخرج عنه من ماله حجة وعمرة]: فمن فرط في الحج حتى مات أخرج من ماله نفقة الحج والعمرة بمعنى أنه يحجّجُ عنه؛ والأصل في ذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الحج دينا لله، وقال للمرأة: أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم. قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)) فمن وجب عليه الحج في حياته فتركه وفرط فيه وتساهل فيه حتى توفي -والعياذ بالله- ولم يحج؛ فإنه عاص لله - U- آثم للتأخير، ثم في ذمته هذه الحج بالبدل، فيخرج من ماله على قدر ما يستأجر الشخص بنفقته ذهابا وإيابا لمثله في الحج، فلو كان يحجج عن الإنسان بألف ريال إذا توفي وترك خمسة آلاف ريال يؤخذ الألف الريال قبل قسمة التركة؛ لأنها دين لله عز وجل ولا تقسم التركة إلا بعد قضاء الديون؛ لقوله تعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} وقال في الآية الأخرى: {من بعد وصية توصون بها أو دين} فلا حق للوارث إلا بعد سداد دينه، فتسدد الديون.

أخرج من ماله على قدر ما يحجّج عنه: إذا استأجر الشخص للحج هناك صورتان:

الصورة الأولى: أن يقول لك: أعطني ما يكفيني للركوب وللأكل وللسكن وهذا ما يسميه العلماء بأجرة البلاغ.

والصورة الثانية: أن يقول لك: أعطني عشرة آلاف، أعطني خمسة آلاف، أعطني ثلاثة آلاف، ما زاد فهو لي، وما نقص فأنا أضمنه.

فأما الصورة الأولى فيسمونه أجرة البلاغ، وأما الصورة الثانية فيسمونها أجرة المقاطعة، يفاصله ويبيع ويشتري معه.

فأما إذا أخذ أجرة البلاغ فلا إشكال في جواز ذلك ومشروعيته أن يحجّج بقدر ما يبلغه ذهابا وإيابا بنفقة مثله، وإذا حج معتمرا أو قارنا أعطي قيمة الدم لنسكه هذا لا إشكال في جوازه.

وأما إذا قال: أريد خمسة آلاف وما زاد فهو لي، أريد عشرة آلاف وما زاد فهو لي؛ فهذا لا يجوز في أصح قولي العلماء؛ لأن الحج عبادة وليس محلا للتجارة، وإنما عليه أن يبلغه الحج، وأن يعطيه ما يبلغه الحج، وليس محلا لأن يأخذ عليه مقاطعة، فيكون له الزائد، ويضمن ما نقص بعد ذلك. يعطيه نفقة حجه ذهابا وإيابا وتؤخذ من تركة الميت.

قال رحمه الله: [ولا يصح من كافر ولا مجنون]: ولا يصح الحج من كافر ولا مجنون؛ قال تعالى في الكافر: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} فبين أنه لا يصح مع الكفر عمل، ولا مجنون؛ لأن المجنون قد رفع عنه القلم فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق)) فدل على عدم صحة حج المجنون.

قال رحمه الله: [ويصح من الصبي والعبد ولا يجزئهما]: ويصح الحج من الصبي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام- حينما سألته المرأة: ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)) فبين أن الحج يصح من الصبي.

قال رحمه الله: [والعبد]: والعبد فإذا حج العبد صح، ولكن لا يجزي الصبي ولا يجزي العبد حجهما حال الصبا وحال الرق؛ لأنه حج نافلة، ولم يجب عليهم الحج بعد، وإنما يخاطب الصبي بالحج بعد بلوغه، فإذا حج قبل البلوغ فقد تنفل، فقد أدى العبادة قبل وجوبها عليه، والنافلة لا تجزي عن الفرض، وهكذا بالنسبة للرقيق؛ فإنه قد أداها نافلة، فإذا عتق فإنه يعيد ويحج، وكذلك إذا بلغ يحج حجة الإسلام؛ وفي هذا أثر ابن عباس اختلف في رفعه ووقفه، ومثله لا يقال بالرأي فيجب عليه أن يعيد حجه بعد بلوغه وعتقه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير