تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [وميقات أهل المدينة ذو الحليفة]: الميقات الأول ميقات أهل المدينة وهو ذو الحليفة، والحليفة نوع من الشجر، وقيل سمي هذا الموضع بذلك؛ لأنه كانت به شجرة، ومن عندها وبجوارها كان المصلى الذي صلى فيه رسول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - من بطن الوادي، ولذلك قالوا ذو الحليفة، وقيل إن هذا النوع من الشجر ينبت في هذا الموضع من الوادي وهو وادي العقيق، ويقال له: الوادي المبارك لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قال كما في الحديث الحسن: ((إن هذا الوادي مبارك)) يعني وادي العقيق وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام في الصحيح أنه قال: ((أتاني الليلة آت من ربي فقال أهل في هذا الوادي وقل حجة في عمرة)) والميقات ميقات ذوالحليفة هو أبعد المواقيت عن مكة، ويبعد ما بين أربعمائة إلى خمسمائة كيلومتر من مكة، وهو على عشر مراحل في عهد النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وموضعه عند نهاية حد المدينة، فهو بحذاء جبل عير، وبطن الوادي هو الذي أحرم منه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والسنة أن ينزل إلى بطن الوادي وأن يغتسل ثم يهل بنسكه بعد صلاة الفريضة كما ثبت عن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - إن تيسر.

وأما بالنسبة لهذا الموضع فإنهم اتفقوا على أنه أبعد المواقيت عن مكة، وأنه ميقات أهل المدينة، والأصل في ذلك حديث عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- في الصحيحين أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، وهذا الموضع قلنا إنه في بطن الوادي والعبرة بالإهلال به إذا نزف البطن بطن الوادي أو أخذ من طرفه إذا كان مارا بالوادي، فمروره على أحد طريقين بالنسبة للموجودة الآن إما طريق مكة القديم وإما طريق الذي يسمى بطريق الهجرة اسما لا حقيقة؛ لأن طريق الهجرة الحقيقي غير هذا الطريق كما هو معروف عند أهل السير، ولكن هذا الطريق هو طريق الأيسر عند خروج الخارج من المدينة، والأول هو طريق الأيمن، فإن مر بالطريق القديم فإنه بمحاذاته للمسجد يشرع له أن يحرم ولا يجوز له أن يجاوز ذلك الموضع، ثم هناك ابتداء وانتهاء لموضع المحاذاة، فهل العبرة بأوله أم العبرة بآخره؟

نص طائفة من أهل العلم -رحمهم الله- على أنه يتحرى أول المحاذاة للمسجد، ولو أحرم من آخر المحاذاة عند طرف المسجد من ركنه صح إحرامه، ونص على ذلك غير واحد من الأئمة -رحمهم الله- سواء كان مروره بالطريق القديم أو الطريق الجديد.

الطريق القديم كان النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - ينزل إلى بطن الوادي، ثم يرتقي على البيداء، فهذه البيداء هي المرتفع الذي يحاذي المسجد من الجهة اليمنى للخارج من المدينة، وهي التي ورد فيها حديث عبدالله بن عمر في الصحيحين عنه -1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - - أنه قال بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - ولما علاها عليه الصلاة والسلام أهل بالتوحيد ولبى.

البيداء موضعها يبدأ من عند الموضع الذي فيه الإشارة الآن الذي ينزل منه إلى المسجد، فهذا المكان العالي هو بداية البيداء، ثم بعد البيداء في الخط القديم إذا مضى إلى جهة مكة يكون ذات الجيش، وذات الجيش من منقطع البيداء إلى الجبال التي هي نهاية الأرض السهلة في ذلك الموضع، وذات الجيش هو الذي انقطع فيه عقد عائشة -رضي الله عنها- وحبست رسول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - في القصة المشهورة ونزلت آية التيمم، فهذا الموضع يقال ذات الجيش، فإن أخر عن البيداء إلى ذات الجيش وأحرم من ذات الجيش لزمه الدم، فلابد وأن يكون إحرامه من البيداء محاذيا للموضع الذي أحرم منه النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -.

وأما بالنسبة للطريق الجديد فلا إشكال أنه يكون على سمت المسجد من ابتدائه احتياطا كما ذكرنا إلى نهايته إجزاء على نفس التفصيل الذي ذكرناه في الجهة اليمنى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير