تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [وللمشرق ذات عرق]: فميقات قرن المنازل وقته رسول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - لأهل نجد كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس ولأهل نجد قرن المنازل، وكذلك أيضا في حديث عبدالله بن عمر وحديث عائشة -رضي الله عن الجميع- فهو ميقات نصي.

قال رحمه الله: [وللمشرق ذات عرق]: وللمشرق ذات عرق والعرق هو الجبل، وهذا الجبل هو المنقطع تهامة وابتداء نجد ويسمى بالضريبة ويقال الخريبات عند الخريبات وهو يبعد مرحلتين أيضا ما يقرب من ثمانين إلى خمس وثمانين كيلومتر، هذا الميقات هو ميقات أهل العراق، ومن جاء من جهتهم كأهل فارس وأهل المشرق إذا سلكوا طريقهم وسبيلهم.

واختلف فيه هل وقته النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - كما في الحديث الصحيح أنه وقته لأهل العراق، وقيل إن الذي وقته عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.

والصحيح أنه مؤقت نصا وأن عمر لما سئل أي سأله عن العراق فقالوا: إن قرنا جور عن طريقنا فوقت لهم القرن بحذائها فوقت لهم ذات عرق فوافق توقيته توقيت النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وقد كان محدثا ملهما -رضي الله عنه وأرضاه-.

هذه المواقيت كلها نصية على الصحيح من أقوال العلماء -رحمهم الله- إلا ذات عرق فالصحيح أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وقتها خلافا لمن قال إن عمر هو الذي وقتها، والصحيح أنها نصية. هذه المواقيت إذا تأملها المتأمل وجد أن منها ما هو بجهة الشمال كذي الحليفة، ومنها ما هو في جهة الغرب كالجحفة، ومنها ما هو إلى جهة الجنوب كيلملم، ومنها ما هو إلى جهة المشرق كذات عرق وقرن المنازل، وعلى هذا فالمواقيت هذه ينبغي أن ترتبط بجهاتها، ويقوّي هذا أنه افترق حكم الشامي ما بين مروره من طريق المدينة وما بين مروره من طريق الساحل، فكل جهة يعتد بالميقات المنسوب إليها، فمن كان من جهة هي أقرب إلى الشمال اعتد بميقات أهل المدينة، ومن كان في جهة إلى الغرب اعتد بميقات الجحفة، ومن كان إلى المشرق اعتد بميقات أهل المشرق، وهكذا بالنسبة لمن كان في الجنوب.

هذه المواقيت ثبتت فيها السنة كما ذكرنا في حديث عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- وحديث عبدالله بن عمر وحديث عائشة -رضي الله عن الجميع- وكلها حديث صحيحة قال عبدالله 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((وقت النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة فمن كان دون ذلك فإحرامه من حيث أنشأ حتى إن أهل مكة يهلون من مكة)).

فدل هذا الحديث على انقسام الناس إلى من كان خارجا عن المواقيت أو من أهلها كأهل المدينة وإلى من كان دون المواقيت فيما بين المواقيت والحرم، وإلى من كان من أهل الحرم وهم أهل مكة، هذه ثلاثة أقسام بينها النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - في هذا الحديث.

القسم الأول يسميه العلماء بالآفاقيين وهم الذين على المواقيت وخارج المواقيت، ومنهم من يرى أن الآفاقي من كان بين المواقيت والحرم، لكن الصحيح أنهم يقال لهم أهل الحل وهم الذين بين المواقيت وبين حرم مكة.

والقسم الثالث هم أهل مكة.

فمن كان خارجا عن هذه المواقيت نظرنا إلى جهته وأمرناه أن يعتد بميقات تلك الجهة، فلو أن رجلا من أهل المدينة أراد أن يسافر إلى جهة الغرب، ثم أراد أن يحج ويعتمر بعد هذا السفر كأن يسافر إلى جهة الساحل قال أريد: أن أذهب لزيارة أهل أو جماعتي أو صديقي في ضبا ثم بعد ذلك أحرم بالحج، فنقول إنه في هذه الحالة إذا سافر سفره الأول إلى جهة المغرب لم يتمحض نسكا، فيجوز له أن يؤخر ميقاته وليس ميقات المدينة ميقاتا له فيؤخر إحرامه إلى ميقات الجحفة فقد صح عن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أنه قال للصحابة: ((خذوا ساحل البحر فأحرموا كلهم إلا أبو قتادة)) وهذا يدل على أن من أسهل من أخذ طريق الساحل أو أخذ جهة الغرب أنه يعتد بميقات أهل الغرب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير