تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه المواقيت العبرة بها لأهلها كما ذكرنا، ومن كان دونها يحرم من موضعه. يحرم من موضعه سواء كان من أهل ذلك الموضع أو طرأ عليه النسك وهو في ذلك الموضع، فلو أن رجلا من أهل المدينة خرج من المدينة العصر ومضى إلى جدة يريد جدة، فلما صار بين المدينة وجدة عنَّ له أن يحرم بعمرة أو عنَّ له أن يحج من عامه فنقول له: متى ما عزمت على الحج وأنت في هذا الطريق أحرمت من موضعك عند عزمك؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قال: ((فمن كان دون ذلك فإحرامه من حيث أنشأ)) هذا بالنسبة للنوع الثاني.

أما النوع الثالث وهم أهل مكة وهم أهل الحرم فهؤلاء لا يخلو إحرامهم إما أن يكون بحج وإما أن يكون بعمرة، فإن كان إحرامهم بالحج؛ فإنهم يحرمون من بيوتهم؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قال: ((حتى إن أهل مكة يهلون من مكة))، ولأن أصحاب النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - انطلقوا مع رسول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - بعد أن تمتعوا بعمرتهم وفسخوا حجهم بالعمرة انطلقوا من رحالهم حاجين ملبين فخرجوا إلى منى وهم ملبون، وعلى هذا فإن المكي يحرم من بيته، واستحب بعض العلماء أن يحرم من الحرم. والصحيح أنه يحرم من بيته استحبابا وحكما، هذا من جهة أهل مكة في الحج.

أما بالنسبة لإحرامهم بالعمرة؛ فإنهم يحرمون من أدنى الحل، فيخرجون إلى أدنى الحل من أي موضع من مكة، فلو خرج المكي إلى عرفات وأحرم منها صح؛ لأنها في الحل وهكذا لو خرج إلى العابدية وأحرم منها صح، ولا يتعين عليه أن يخرج إلى التنعيم، ولا يتعين عليه أن يخرج إلى الشميسي الحديبية، وإنما يخرج من أي موضع إلى أدنى الحل ثم بعد ذلك يحرم منه، حتى جاء في الرواية عن عائشة: ((فلا والله ما ذكر التنعيم ولا غيره)) ولذلك أمرها أن تخرج إلى أدنى الحل، فلما أمر النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - عائشة أن تحرم من أدنى الحل؛ دل على أن أهل مكة ميقاتهم من هذا الموضع، والسر في ذلك أنهم يجمعون بين الحل والحرم، كما أن الحاج يجمع بين الحل والحرم. فالحاج لا يمكن أن يكون حجه إلا بخروج إلى عرفة، ولذلك يحرم من مكة ثم يخرج إلى الحل، فصار نسكه جامعا بين الحل والحرم، والمعتمر نسكه في مكة من جهة المواضع والأماكن، ليس كالحاج نسكه خارج مكة في عرفات؛ فحينئذ يحتاج أن يخرج إلى الحل ابتداء فينشئ من أدنى الحل حتى يجمع بين الحل والحرم، هذا بالنسبة لأحكام المواقيت التي ذكرها المصنف -رحمه الله-.

قال بعض الفضلاء:

عرق العراقي يلملم اليمني ** وذو الحليفة يحرم المدني

الشام والجحفة إن مررت بها ** وأهل نجد قرن فاستبني

هذا بالنسبة للمواقيت التي ورد النص بها وأحكامها وأحكام من كان دونها.

قال رحمه الله: [فهذه المواقيت لأهلها]: لأهلها: تخصيص أي خاصة بأهلها؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قال: ((هن لهن)) فذو الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، وقرن لأهل نجد، وذات عرق للعراق، ويلملم لليمن.

قال رحمه الله: [ولكل من يمر عليها]: ولكل من يمر عليها وعليه الذي يمر على ميقات غير ميقاته يجب عليه أن يحرم من ذلك الميقات حتى ولو لم يكن من أهل المواقيت كأهل مكة، فلو أن مكيا خرج من مكة إلى المدينة لطلب علم أو حاجة أو تجارة أو عبادة ثم عنَّ له أن يحج أو يعتمر أحرم من ميقات أهل المدينة؛ والدليل على ذلك قوله: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)).

قال رحمه الله: [ومن منزله دون الميقات فميقاته من منزله حتى أهل مكة يهلون منها لحجهم]: هذا بالنسبة للصنفين من دون المواقيت وأهل الحرم من دون المواقيت وهم أهل الحل يهلون من موضعه، فلو أن رجلا في النوارية أو في التنعيم أراد أن يحرم بالحج أو يحرم بالعمرة أحرم من بيته ومن موضعه، وهكذا لو كان بمر الظهران أو وادي فاطمة أو الجموم؛ فإنه يحرم من موضعه، ولا يجب عليه أن يخرج إلى المواقيت بل عليه أن يحرم من موضعه؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قال: ((فمن كان دون ذلك فإحرامه من حيث أنشأ)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير