تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ثم إذا أراد النسك أحرم من موضعه]: ثم إذا أراد النسك أحرم من موضعه وهذا بالنسبة للأصل إن كان آفاقيا فإنه يعتد بميقاته، وإن كان دون المواقيت أحرم من موضعه من منزله، أو من حيث أنشأ العمرة، وإن كان مكيا أحرم بالحج من بيته أو من أدنى الحل في العمرة.

قال رحمه الله: [وإن جاوزه غير محرم رجع فأحرم من الميقات ولا دم عليه لأنه أحرم من ميقاته]: يرد السؤال: لو أن إنسانا مر بهذه المواقيت وهو يريد النسك ثم لم يحرم وتذكر أو نبه فكان التنبيه بعد مجاوزته للميقات فما الحكم؟ إذا تنبه أو رجع عن قصده بأن كان ينوي أن يحرم دون المواقيت ثم ألغى ذلك ورجع؛ فإنه لا شيء عليه؛ لأن إحرامه في الحقيقة وقع من المواقيت ولم يحصل منه إخلال في هذا الإحرام، وقد فعل ما أمره الله من ا لإحرام بهذه المواقيت؛ إذا كل من جاوز هذه المواقيت وعنده نية النسك ثم رجع عن المجاوزة ولم يحرم من موضعه دون المواقيت فإنه يسقط عنه الدم ولا شيء عليه.

أما إذا أحرم من موضعه دون الميقات؛ فإنه يجب عليه الدم سواء رجع أو لم يرجع؛ لأنه أحرم بالنسك وانعقد إحرامه من غير الموضع المعتد، وقد خالف، فيجب عليه ضمان هذه المخالفة بالدم وهو دم الجبران.

قال رحمه الله: [فإن أحرم من دونه فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع]: إذًا من جاوز المواقيت وعنده نية للنسك إما أن يرجع قبل أن يحرم وإما أن يحرم من موضعه؛ فإن رجع قبل إحرامه فلا شيء عليه؛ لما ذكرنا، وإن لم يرجع وأحرم من موضعه؛ فعليه الدم سواء رجع إلى الميقات؛ لأنه فات التدارك، أو لم يرجع.

قال رحمه الله: [والأفضل أن لا يحرم قبل الميقات]: بعد أن بين رحمه الله أن هذه المواقيت متعينة يرد السؤال: هل يجوز أن يحرم قبل الميقات أو لا يجوز؟ وإذا كان جائزا فهل الأفضل أن يحرم قبل الميقات أو من الميقات؟

أما المسألة الأولى وهي الإحرام قبل الميقات؛ فجماهير الأئمة من السلف والخلف على جواز أن يحرم قبل الميقات، كما إذا كان في المدينة فأحرم من بيته قبل أن يخرج إلى ذي الحليفة، أو كان في الطائف فأحرم من بيته بالطائف ولبى قبل أن يمر بوادي محرم أو يمر بميقات السيل فقالوا إنه يجوز له ذلك ولا حرج عليه وإحرامه صحيح.

وذهب بعض العلماء كالظاهرية إلى أنه لا يجوز بعض أئمة السلف إلى أنه لا يجوز له أن يحرم قبل الميقات.

واستدل الجماهير بفعل السلف الصالح -رحمهم الله- من تصحيحهم للنسك قبل الميقات؛ فقد أحرم عبدالله بن عمر من بيت المقدس، وكذلك أيضا أحرم عبدالله بن مسعود -1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - - من القادسية وعمران بن حصين من البصرة وكذلك أيضا أحرم عبدالله بن عامر بن كريز.

فالشاهد من هذا أن الصحابة لما عرض على عثمان أنه من فعل ذلك وكذلك عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عتب على عمران أنه أحرم قبل الميقات ولكنه لم يحكم بفساد إحرامه؛ فدل على أن الإحرام صحيح وأنه يجزيه وأنه ينعقد إحرامه لو أحرم قبل هذه المواقيت، والمراد بالإحرام الدخول في النسك؛ لأن البعض يظن أن مجرد لبس الثياب التجرد من المخيط ولبس الثياب هو الإحرام.

العبرة في الإحرام بالنية والدخول في النسك، فلو أنه كان في فندقه في المدينة فلبس الإحرام ولم يلبِّ ولم ينو فهو غير محرم؛ إذًا إذا نوى الدخول في النسك فهو المحرم، فإذا فعل ذلك قبل الميقات صح، وهل هو الأفضل أم أن الأفضل أن يحرم من الميقات؟

قولان للعلماء -رحمهم الله-:

منهم من قال: الأفضل أن يحرم من الميقات كما هو مذهب المالكية والحنابلة.

ومنهم من قال: الأفضل أن يحرم قبل الميقات، كما يقول به بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم. واستدل الذين قالوا: إن الأفضل أن يحرم من الميقات بفعل النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - حيث أنه أحرم من ميقات ذي الحليفة، وقد كان بالإمكان أن يحرم من المدينة، فلما أخر إلى ذي الحليفة فعل الأفضل، وما كان بأبي وأمي -صلوات الله وسلامه- عليه أن يترك الأفضل ولا ينبه عليه أصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم- فدل هذا على أن الأفضل أن يحرم من الميقات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير