تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ويشترط ويقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني]: الاشتراط يقع في الحج ويقع في العمرة، ويقع فيهما معا إذا كان قارنا، ومسألة الاشتراط تكون عند ابتداء الإحرام، والإنسان له حق في هذا الاشتراط مادام أنه في ابتداء الإحرام، فلا يدخل الاشتراط بعد الإحرام، فلو أنه أحرم ودخل في النسك ثم خرج من ميقاته وعنَّ له أن يشترط لم يصح اشتراطه؛ إذًا الاشتراط يكون عند النية، وهذا الاشتراط للعلماء فيه قولان:

منهم من قال: إنه لا يشرع.

ومنهم من قال: إنه مشروع.

فالذين قالوا بشرعيته هم فقهاء الشافعية والحنابلة والظاهرية وطائفة من أهل الحديث -رحمة الله على الجميع -.

واستدلوا بما ثبت في الصحيح من حديث ضباعة بنت الزبير -رضي الله عنها وأرضاها- أنها دخل عليها النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وهي شاكية، فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية؛ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أهلي واشترطي إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما اشترطت)) هذا الحديث دل دلالة واضحة على مشروعية الاشتراط وأنه جائز ومشروع.

والذين قالوا بعدم شرعيته قالوا إن الله تعالى يقول: {وأتموا الحج والعمرة لله} والاشتراط يمنع من الإتمام؛ لأنه إذا وقع الشيء الذي اشترطه؛ فحينئذ له حق أن يفسخ النسك، ولا يكون عليه شيء، ولا يتم ولا يفعل ما يفعله المحصر، فهذا كله خلاف الأصل، ومن هنا اعتذروا عن الحديث بأنه واقعة عين، والقاعدة أن قضايا الأعيان لا تصلح دليلا للعموم.

والصحيح ما ذهب إليها أصحاب القول الأول من مشروعية الاشتراط في الحج وفي العمرة وفيهما معا، ومحله ما ذكرنا.

المسألة الثانية: هل الاشتراط على العموم أو على الخصوص؟

ظاهر السنة أن الاشتراط ليس على العموم؛ لأن من تأمل حديث ضباعة وجد أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - دخل عليها وهي شاكية قبل أن تدخل في النسك؛ وحينئذ وهي مريضة إذا تكلفت ودخلت في النسك كأن الشرع أعطاها هذا الحق؛ لأنها من الابتداء مريضة، أو عندها عذر، فجعل هذا بمثابة الاستصحاب للمعذور، بخلاف ما إذا طرأ عليها العذر بعد الإحرام، فأعدل الأقوال في هذا قول الشافعية وهو أيضا رواية عند الحنابلة أنه يختص بالحالات التي توجد فيها الحاجة؛ ولذلك القول بعمومه بمعنى أننا نقول يستحب لكل من أتى الميقات أن يقول ذلك فيه إشكال.

وجه الإشكال: أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - دخل على ضباعة وهي مريضة، وهذا قبل أن ينطلق إلى ذي الحليفة، وقال لها هذا الكلام، ثم انطلق مع أصحابه إلى ذي الحليفة ولم يأمر الصحابة أن يشترطوا، فكيف نقول باستحباب ذلك، وأنه مع أنه خاطب به ضباعة، ومن المعلوم أنه دخل على امرأة في بيتها وهي شاكية على حالة خاصة يقوى تخصيص الحكم بها؛ لأن فيها معنى يقوى أن يخصص به وهو العذر، والعذر لاشك أنه يقوي تخصيص الدليل، فقول من قال إنه من كان معذورا ومثل صفة ضباعة يقال له بالاشتراط ونبقي الأدلة الباقية الملزمة بإتمام النسك على ما هي عليه هوأوفق وأولى بالصواب إن شاء الله تعالى أنه ليس على عمومه، وإنما يعطى لمن كان على صفة ضباعة؛ تحقيقا للسنة على ورودها، وإبقاء الأصل الذي دل على وجوب إتمام النسك على ما هو عليه.

وعلى هذا فالاشتراط لا يكون إلا عند وجود العذر؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - جعله للمعذور ولم يرد أنه جعله لغير المعذور.

قال رحمه الله: [وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران]: وهو أي المحرم يخير إذا أراد الإحرام بين التمتع والقران والإفراد؛ والدليل على هذا التخيير أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - حينما أتى الميقات قال لأصحابه -رضي الله عنهم-: ((من أراد منكم أن يهل بحج فليهل ومن أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل ومن أراد أن يهل بحج وعمرة فليهل،، وهذا التخيير وقع من النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - في ميقات ذي الحليفة، فخير أصحابه -رضي الله عنهم- بين هذه الأنساك الثلاثة، فهو مخير بين هذه الأنساك كلها سواء كانت حجة الإسلام أو كانت حجة نافلة؛ فإنه يخير بين هذه الأنساك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير