تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثلاثة.

قال رحمه الله: [وأفضلها التمتع]: وأفضل هذه الأنساك الثلاثة التمتع؛ لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - تمناه ولا يتمنى إلا الأفضل؛ ولذلك قال: ((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة) وهذا هو مذهب الحنابلة رحمهم الله وطائفة من أهل الحديث: أن الأفضل من الأنساك الثلاثة هو التمتع.

وذهب الشافعية والمالكية إلى أن الأفضل الإفراد؛ وذلك لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أهلّ ابتداء مفردا؛ ولأن أبابكر وعمر وعثمان من الخلفاء الراشدين داوموا على الإفراد؛ ولأنه إذا أفرد أتم الحج والعمرة، وقد قال علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك. بمعنى أن تجعل العمرة سفرا مستقلا وللحج سفرا مستقلا، ولما قال علي ذلك قال عمر: صدق علي فصدقه فاجتمع الخليفتان الراشدان على ذلك.

وذهب الحنفية رحمهم الله واختاره الإمام ابن القيم إلى تفضيل القران قالوا: لأن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - قرن حجه ابتداء وانتهاء أما من الابتداء فحديث عمر في الصحيح صريح في ذلك: ((أتاني الليلة آت من ربي وقال أهل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة)) فأمر أن يبتدئ إحرامه بالقران، قالوا فمعنى ذلك أن الله اختار له من فوق سبع سماوات أن تكون حجته قرانا، ولم يحج إلا حجة واحدة؛ وقد ثبت القران عنه -عليه الصلاة والسلام- كما هو معلوم عند أئمة الحديث عن أكثر من عشرين صحابيا كلهم أثبتوا أن النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - كان قارنا. قالوا ولأن القران يتكلف فيه بعد عمرته، يتكلف فيه فلا يتحلل بعد عمرته، ففضل على التمتع؛ ولأن القران فيه زيادة نسك العمرة على الإفراد، ففضل على المفرد.

وهذه المسألة جمع بعض العلماء فيها جمعا حسنا -وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله- أن الناس يختلفون فمن كان من الناس يمكنه أن يفرد عمرة بحج وحجه عمرته بسفر وحجه بسفر والأفضل له الإفراد؛ ولذلك كما قال في الشرح: إن العمرة المفردة أفضل من عمرة التمتع؛ واستدل بما جاء عن في قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} من تفسير الصحابة -رضوان الله عليهم- بأن الإتمام أن يحرم بهما من دويرة الأهل.

وأما إذا كان يصعب عليه أن يأتي للحج وأن يأتي للعمرة ولا يستطيع أن يأتي للعمرة بعد حجه فالأفضل له أن يتمتع، وأما إذا كان يمكنه سوق الهدي؛ فالأفضل له أن يقرن، وبهذا جمع بين السنن المتعددة، وهذا القول إن شاء الله هو أولى بالصواب، لكن الإشكال ليس في تفضيل التمتع ولا في تفضيل الإفراد ولا في تفضيل القران، فكل من ترجح عنده قول لابأس أن يعمل به مادام أن له سلفا وله دليل، ولكن الإشكال في جعل هذه الأفضلية بمثابة الإلزام حتى إن الشخص إذا فضل الإفراد أنكر على المتمتع والقارن، وإذا فضل التمتع أنكر على المفرد والقارن، وإذا فضل القِران أنكر على المفرد والمتمتع، وهذا هو المحظور أن يجعل من مسألة التفضيل وسيلة للاستهجان بالغير وتخطئته والإنكار عليه والانتقاص منه، وهذا لا يعرفه علماء السلف -رحمهم الله- والأئمة بل إن الأمر على السعة فمن ترجح عنده قول من أقوال العلماء -رحمهم الله- له دليله وله حجته فلابأس أن يأخذ بهذا القول.

وأما مسألة الإلزام بالتمتع كما يقول به بعض المتأخرين -وهو مذهب ابن عباس- حتى قال بعضهم: إذا كان حجة الإسلام فإنه إذا طاف وسعى أحل شاء أو أبى، وهذا القول قال ابن عباس فانفرد به وعد من شذوذاته كما شذ في ربا الفضل وكما شذ في مسألة التمتع، وخالفه في ذلك من هو أعلم منه وأولى بالاتباع وهم الخلفاء الراشدون: فأبوبكر وعمر وعثمان في خلافتهم الراشدة كلها بإجماع العلماء لم يحجوا إلا مفردين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير