تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيقول المصنف -رحمه الله-: [باب الفدية]: هذا الاسم مصطلح شرعي مأخوذ من قوله تعالى: {ففديةٌ من صيام أو صدقة أو نسك} وكثير من المصطلحات أخذها العلماء من نصوص الكتاب والسنة؛ تأسيا بالوارد.

والفدية: الفداء الذي يدفع لكي يفك الأسير من الأسر؛ قال تعالى: {وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} فالفداء يدفع لقاء الأسير حتى يفك من أسره، فكأن الإنسان إذا دخل في النسك أصبح ملزما بهذا النسك محرما عليه ما ذكرنا من المحظورات، فهو يفتدي ويخرج من هذا الضيق إلى سعة الله عز وجل وتيسيره سبحانه حيث جعل له الفرج والمخرج بهذه الفدية.

وقوله رحمه الله: [باب الفدية]: مناسبة هذا الباب لما تقدم واضحة جلية؛ لأن الفدية مرتّبة على فعل المحظور، فناسب بعد بيان المحظورات أن يبين كيف يفتدي منها.

قال رحمه الله: [وهي على ضربين: أحدهما على التخيير]: الفدية في النسك من حج وعمرة على ضربين: إما أن تكون تخييرية، وإما أن تكون مرتبة.

فأما فدية التخيير فهي التي نص الله عز وجل عليها، وهي كما ذكر حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- جاءت بصيغة (أوْ) فما كان (بأو) فهو على التخيير، إن فعلت أي خصلة منها أجزأك حتى لو انتقلت إلى الأقل مع القدرة على الأكثر فإنه يجزيك.

قال رحمه الله: [أحدهما على التخيير]: بمعنى أن المكلف يخيّر، ويقال له: افعل خصلة من هذه الخصال.

قال رحمه الله: [وهي فدية الأذى واللبس والطيب]: وهي فدية الأذى واللبس والطيب: وأشار الله تعالى إليها بقوله: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} فنص I فيها على التخيير، وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا التخيير حينما قال لكعب بن عجرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((أطعم فرقا بين ستة مساكين أو انسك نسيكة أو صم ثلاثة أيام)).

فخيرّه -عليه الصلاة والسلام- بين هذه الثلاث.

تكون في الأذى، مثل: حلق الشعر، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وتكون في الطيب، وتكون في اللباس، وإذا فعل واحدة من هذه المحظورات قيل له: افتدِ وأنت مخيّر في فديتك بين هذه الثلاث الخصال.

قال رحمه الله: [فله الخيار بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين، أو ذبح شاة]: مخيّر بين هذه الثلاث، وهي التي ذكرنا: أولها الصيام فيما رتبه المصنف {ففدية من صيام} الصيام يصوم ثلاثة أيام؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لكعب: ((أو صم ثلاثة أيام)) فإذا صام ثلاثة أيام ولو كان غنيا قادرا على أن يشتري الإطعام صح وأجزأه، ثم هذا الصيام يصح في أي مكان، سواء في المكان الذي يفعل فيه المحظور أو غيره؛ لأن الله تعالى يقول: {ففدية من صيام} ولم يعين مكانا للصوم.

قال رحمه الله: [أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين]: الخيار الثاني: أن يطعم ثلاثة آصع، والصاع أربعة أمداد بمد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، فالغالب في الشخص الذي هو متوسط اليد ليس بكبيرهما ولا بصغير اليدين متوسط اليدين أنه لو أخذ الطعام بكفيه ملأ هذا القدر، هذا القدر يسمى ربع الصاع، ويسمى صاع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو الذي كان يتوضأ به المد، مد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقال له: ربع الصاع، ويقال مد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، اثنان منه يعدلان نصف الصاع، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بنصف صاع لكل مسكين، فقال لكعب: ((أطعم فَرَقًا)) والفَرَق في لغة العرب يعادل ثلاثة آصع، فقال: ((أطعم فرقا بين ستة مساكين)) أي اقسمه بين ستة مساكين، فإذا كانت الثلاثة الآصع بين ستة مساكين فمعناه أن لكل مسكين نصف صاع، وهذا يكون من التمر، ويكون من البر، ويكون من الشعير، ويكون من سائر الطعام على ما قدمنا في الزكاة وفي زكاة الفطر، فعلى كل حال يطعم فرقا بين ستة مساكين، سواء كانوا في بلده أخّر إلى أن رجع إلى بلده وأطعم، أو في المكان الذي فعل فيه المحظور، أو كانوا مساكين الحرم فهو مخير ولا يلزم بمساكين الحرم على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير