تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: انظر إلى قيمة هذه البقرة، وهذه القيمة تشتري بها طعاما من تمر أو بر وتطعمه للمساكين، فلو كانت قيمة البقرة خمسمائة ريال، نقول له: أنت بالخيار بين أن تخرج البقرة هديا بالغ الكعبة وتذبحها بمكة طعمة لمساكين الحرم، أو تأخذ الخمسمائة وتشتري بها طعاما، فلو كان الصاع بخمسة ريالات تشتري مائة صاع، وتطعم المائة الصاع للمساكين، هذا الخيار الثاني، أو تصوم عن كل نصف صاع أو ربع صاع يوما هذا الخيار الثالث {أو عدل ذلك صياما} فإما أن يخرج المثلية هديا بالغ الكعبة، أو كفارة طعام مساكين، أو عدل ذلك صياما، فإذا اختار أي واحد من هذه أجزأه، فأصبح جزاء قتل الصيد تخييرية، ولكنه يفتقر إلى حكم ذوي العدل، فإذا حكما بالشيء نظر إلى مثله من بهيمة الأنعام، ثم بعد ذلك قُدر الطعام ثم قُدر الصيام ثم يقال له أنت بالخيار بين هذه الثلاثة الأشياء: فإن كان اختار الهدي فلابد وأن يسوقه إلى مكة هديا بالغ الكعبة ولا يجزيه أن يذبح في أي موضع، بل لابد أن يذبحه داخل حدود مكة؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام-: ((نحرت هاهنا وفجاج مكة وشعابها كلها منحر) فلما قال الله تعالى: {هديا بالغ الكعبة} المراد حدود الحرم، فإذا بلغ حدود الحرم نحره، ثم خلّى بينه وبين المساكين هذا الخيار الأول.

والخيار الثاني: أن ينظر إلى قيمة هذا الشيء المثلي الذي حكم به ذوا عدل، فلو فرضنا مثلا: قتل نعامة، فقضى في النعامة بناقة، نقول له: إما أن تخرج ناقة هديا بالغ الكعبة، أو تخرج بقيمتها طعاما، أو تصوم عدل ذلك، فلو أخذ الناقة ونحرها خارج حدود الحرم لم يجزه ويجب عليه أن يأخذ مثلها وأن ينحرها داخل حدود الحرم؛ لنص الله عز وجل على ذلك، فأصبحت هذه الفدية التخييرية تختلف عن الفدية الأولى، فالفدية الأولى الإطعام فيها في كل مكان، ولكن هذه الفدية الإطعام فيها مخصوص الذبح في الأولى والإطعام في أي مكان، ففدية الأذى وتغطية الرأس والطيب يذبح الشاة في أي موضع، وأيضا يطعمها لأي مساكين، ولكن في جزاء الصيد لابد وأن يكون بمكة، أن يكون الذبح داخل مكة، وأن يخص بها مساكين الحرم؛ لأن هذا هو المعنى من أمره أن يبلغ به الهدي الكعبة، كذلك أيضا في الإطعام وجدنا فدية الأذى يطعم في أي موضع، وثانيا أن هذا الإطعام محدد بثلاثة آصع، وأما في قتل الصيد فالإطعام يكون لمساكين الحرم، وأيضا يكون غير مقدر ولا مقيد؛ لأنه تابع إلى قيمة الهدي، أو عدْل ذلك صياما وهذا هو الفارق الثالث أن الصوم في فدية الأذى محدد بثلاثة أيام، وأما في جزاء الصيد فإنه ينبني على قدر الإطعام على خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله-: في كل هل هو نصف صاع أو ربع صاع؟ فإن قلنا نصف صاع وكانت مائة صاع فمعنى ذلك يكون عدلها مائتي يوم، ويخيّر بالنسبة للصوم أن يكون بمكة أو يكون بغيرها

قال رحمه الله: [إلا الطائر فإن فيه قيمته]: إلا الطائر فإن فيه قيمته ليس له عدل في العصافير والنغاري، وهذا قول طائفة من العلماء -رحمهم الله- إذا كان المقتول من الصيد ليس له مثلي نظر إلى قيمته، فلو قتل جرادا نظر إلى قيمة الجراد وعدلها من الإطعام، ثم الصيام عدل ما يجب عليه من الإطعام؛ لأنه ليس له مثلي.

فالخيار الأول وهو المثلي يتقدر بما فيه شبه يماثل به بهيمة الأنعام، فتيس الجبل والوعل والثيثل وحمار الوحش والضبا والريم والغزال كلها لها مثلي من بهيمة الأنعام، أما لو قتل جراداً فهذا الجراد ليس له مثلي من بهيمة الأنعام، ولا يشبه بهيمة الأنعام، فيقال له: كم جرادةً قتلت؟ قال: قتلت عشر جرادات. كم قيمتها في السوق؟ قالوا: إن هذا القدر من الجراد بخمس ريالات مثلا، يقال له: كم تشتري بخمسة ريالات من الطعام؟ يقول - مثلا-: صاعين. نقول: إما أن تخرج صاعين صدقة لفقراء الحرم، أو تصوم عدلها على الأصل الذي ذكرناه؛ لأنه تعذر فيه المثلي من بهيمة الأنعام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير