تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهكذا لو أفسد البيض، فإذا أفسد البيض من الصيد هجم على عش الحمام وأفسد بيضة؛ فإنه يضمن، فيُنظر إلى قيمة البيض، وتُقدّر هذه القيمة بالطعام، ثم يُؤمر بإخراج الطعام أو الصيام، فينحصر في الخيارين، هذا كله إذا هجم على الصيد وقتله، لكن لو أن الصيد هو الذي هجم عليه وتعذّر عليه أن يتلافاه، كما هو موجود في زماننا إذا قاد سيارته، ثم كان زمان الربيع وكثر الجراد، فقتل من الجراد ما لا يحصى ذكر طائفة من العلماء من المحققين أنه إذا كان الصيد في طريقه أو الجراد على فراشه ولا يمكنه أن ينام إلا بقتله ونام فهو كدفع الصائل من الحيوان لا فدية فيه ولا ضمان، هذا إذا هجم بنفسه ولم يمكنه أن يتلافاه ويتعذر عليه أن يتلافاه، أما إذا أمكنه تلافيه فإنه يضمن.

قال رحمه الله: [إلا الحمامة ففيها شاة]: الحكم كله في الصيد، وعلى هذا ما ليس بصيد فلو أنه قتل السبع فلا ضمان عليه، ولا تجب عليه هذه الفدية؛ لأنها خاصة بالصيد، فلو قتل أسدا أو نمرا السبع العادي فإنه لا شيء عليه، والسباع العادية يجوز قتلها ولو لم تبدأ الإنسان بالهجوم، فلو كان في برية ورأى أسدا أو نمرا وقتله فلا شيء عليه يعني يجوز له ذلك شرعا؛ لأن هذه السباع من طبيعتها أن تعدو، فلا يُنتظر حتى تهجم على الإنسان، وعلى هذا يحل له قتلها ولو لم تبدأ بالهجوم، وهكذا الكلب العقور، فلو كان في موضع ثم كان فيه كلب عقور ولم يفاجأ إلا وهو أمامه ولا يمكنه أن يدفعه إلا بقتله يقتله؛ لأن الكلب العقور يقتل في الحل والحرم ويقتل في الإحرام وغيره؛ لأجل الضرر وهو الذي يعقر الناس.

وذهب بعض العلماء إلى أنه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والكلب العقور)) في قوله: ((خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور)) إلا أن المراد بالكلب العقور كل سبع عادٍ؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمى السبع كلبا، فقال في عتبة بن أبي لهب -لعنه الله وأباه وأمه - الذي كان يؤذي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حتى قيل: إنه بصق في وجه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((اللهم سلط عليه كلبا من كلابك)) وهذا الحديث حسنه الحافظ بن حجر في الفتح والشوكاني رحمه الله وغيره.

فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((اللهم سلط عليه كلبا من كلابك)) فلما خرج إلى تجارته في الشام جاء الأسد له من بين أصحابه، وفي بعض الروايات الذئب، فشمه حتى استله من بين أصحابه فقتله شر قتلة، فاستجيبت فيه دعوة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فقال: ((كلبا من كلابك)) فجعل السبع كلبا، ومن هنا قالوا إن قوله: ((الكلب العقور)) يقتضي أنه لو كان في الإحرام وقتل السبع أنه لا ضمان عليه ويجوز له قتل السبع في مكة وفي غيرها.

قال رحمه الله: [إلا الحمامة ففيها شاة]: لقضاء الصحابة -رضوان الله عليهم-، فإذا قتل حمامة صادها وهو محرم، أو صاد حمامة داخل الحرم وهو ليس بمحرم، مثلا: رأى حمامة داخل حدود الحرم فأطلق عليها النار فقتلها؛ فإنه في هذه الحالة يجب عليه ضمانها بمثلي وهو الشاة؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- قضوا فيها بشاة؛ لأنها تعُبُّ الماء فأشبهت بهيمة الأنعام.

قال رحمه الله: [والنعامة فيها بدنة]: كذلك أيضا قضاء الصحابة، فالنعامة فيها بدنة، وينظر إليها متعيّنة بمعنى أنه إذا قتل نعامة كان عِدْلها البدنة فلا يحتاج إلى ذوي عَدْل فلا يحتاج إلى الحكومة؛ لأنه مضت حكومة الصحابة -رضي الله عنهم- فيها فيحكم فيها بهذا المثلي.

قال رحمه الله: [ويتخير بين إخراج المثل وتقويمه بطعام]: ويتخيّر في قتل الصيد بين إخراج المثل: إن كان شاة؛ فشاة، أو بقرة؛ فبقرة، أو ناقة؛ فناقة، فبهيمة الأنعام من: الإبل، والبقر، والغنم فقط، هذا مثليّها يخيّر بين أن يخرج هذا المثل من بهيمة الأنعام هذا الخيار الأول؛ لقوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة} فبيّن أنه يخرج المثلي من بهيمة الأنعام.

قال رحمه الله: [وتقويمه بطعام]: هذا الخيار الثاني كما ذكرنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير