تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [فيطعم كل مسكين مدا أو يصوم عن كل مد يوما]: فيطعم كل مسكين مدا وهو ربع الصاع، وعلى هذا يكون الإطعام لكل مسكين ربع صاع، وهذا راجع إلى التقدير بالفدية بالربع؛ كما جاء في حديث سلمة بن صخر البياضي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أوتي بعَرْق من تمر- العَرْق هو المِكْتل والمكتل مثل ما يسمى في عرف العامة بالقُفّة الكبيرة والزنبيل الكبير من الخَصَف كان يصنع من الخصف وكان يوضع فيه التمر هذا الزنبيل أو المكتل فيه خمسة عشر صاعاً- فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سلمة أن يطعمه ستين مسكينا، فمعنى ذلك أن لكل مسكين ربع صاع؛ وعليه قالوا إن الله تعالى لما أوجب على المسلم أن يطعم المساكين، وجعل إطعام ربع الصاع في هذه الكفارة المغلظة مجزئا دل على أن العبرة في إطعام المساكين في قتل الصيد أنه يكون بربع الصاع، فذهب بعض العلماء إلى أنه يقدّر بنصف الصاع؛ لأن فدية الأذى جعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيها الصدقة بنصف صاع.

وأجاب الأولون بأن القرآن عبّر بالإطعام وعبّر بالصدقة، فُقدّم ربع الصاع للتعبير بالإطعام كما في كفارة الظهار.

قال رحمه الله: [أو يصوم عن كل مد يوما]: أو يصوم عن كل مد يوما: إذا قلنا لكل مسكين مد فحينئذ يصوم عن كل مد يوماً، وإن قلنا لكل مسكين نصف صاع فيصوم عن كل نصف صاع يوماً، ومثال ذلك: لو فرضنا أن قيمة البهيمة تعادل عشرة آصع من التمر؛ فعلى القول الأول يصوم أربعين يوما؛ لأن العشرة الآصع ربع الصاع عِدْلها أربعون يوماً، وإذا قلنا على القول الثاني يصوم عشرين يوما، متفرقة أو متتابعة ولا يلزمه التتابع، إذا كان عليه عشرون يوماً فإنه يصومها متفرقة ومتتابعة.

قال رحمه الله: [الضرب الثاني على الترتيب وهو المتمتع يلزمه شاة]: الضرب الثاني على الترتيب: وهو ما أوجب الله في دم التمتع، والتمتع يشمل التمتع بالعمرة في أشهر الحج، وأيضا القران، فمن تمتع بعمرته إلى الحج وجب عليه الدم، ووجبت عليه هذه الفدية على الترتيب، وكذلك أيضا من قرن ولم يجد، أو كذلك أيضا من وجب عليه الدم -دم الجبران- فإنه ينتقل إلى فدية الترتيب. يبدأ أول شيء بالدم.

قال رحمه الله: [يلزمه شاة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع]: لأن الله أوجب على المتمتع الهدي، وهذا الهدي بالغ الكعبة يعني ينبغي أن يكون بمكة يذبحه وينحره بمكة، فالخيار الأول الشاة في تمتع العمرة وتمتع القران، فإذا لم يجد الشاة؛ فإنه حينئذ ينتقل إلى البدن، وهو صيام عشرة أيام: ثلاثة منها في الحج، وسبعة منها إذا رجع إلى أهله؛ والأصل في دم التمتع في متعة العمرة؛ ولذلك إذا أراد أن يحرم بالحج يقدم إحرامه على يوم عرفة حتى يتمكن من صيام الثلاثة الأيام، فيحرم ليلة السادس ليصوم اليوم السادس والسابع والثامن، أو يحرم ليلة الخامس ليصوم اليوم الخامس والسادس والسابع، وإذا عجز عن الصيام قبل يوم عرفة صام الثلاثة الأيام من التشريق؛ لوجود الحاجة؛ وقد أمر الله أن تكون في حال إحرامه بالحج أو تلبسه بنسك الحج، فأوجب الله سبحانه وتعالى في التمتع الدم؛ فقال تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} فاشتملت الآية:

أولا: على مشروعية التمتع في قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}، وشملت النوعين تمتع المعروف بالعمرة، ثم يتحلل بعدها، ثم يحرم بالحج، والتمتع بالجمع بين الحج والعمرة في نسك واحد، وهو تمتع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دلت على مشروعية التمتع.

ثانيا: أن هذه المشروعية وقعت على العموم في أهل مكة وغيرهم وهو مذهب الجمهور.

ثالثا: أنها بينت وجوب الدم على المتمتع في قوله تعالى: {فما استيسر من الهدي} وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((إني قلدت هديي ولبدت شعري فلا أحل حتى أنحر)) فبين أنه قد ساق هديه في متعة القران.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير