تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما بالنسبة لمتعة الحج المعروفة فظاهر الآية شمولها للعموم، فيجب عليه الهدي بصفة الشاة التي ذكرنا تكون ثنَْيا من المعز أو جذعة من الضأن سالمة من العيوب، ويجب ذبحها بمكة؛ وذلك هو الأصل لقوله -عليه الصلاة والسلام- حينما نحر هديه قال: ((نحرت هاهنا وفجاج مكة وشعابها كلها منحر)) فدل على أن العبرة بذبحها داخل حدود الحرم، وإذا عجز عن الدم في التمتع؛ فإنه ينتقل إلى البدل وهو الصيام، فلا يصح أن يصوم العشرة الأيام وهو قادر على أن يشتري الهدي؛ لأنه مبني على الترتيب؛ ولذلك لا يجزئ الثاني مع القدرة على الأول.

قال رحمه الله: [وفدية الجماع بَدَنة]: وفدية الجماع بَدَنة كما قضى فيها أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذكرنا أن من العلماء من قال بالشاة؛ والصحيح بدنة في مسألة الجماع، وأما المباشرة بما دون الجماع فقد أشرنا إلى الكلام فيها، فإن وقع جماع ووجبت عليه بدنة؛ فإنها تنحر بمكة شأنها شأن الدم الواجب، فدم الجبران ودم هدي التمتع ودم أيضا فدية الجماع كلها تكون بمكة طعمة لمساكين الحرم سواء كانت من الإبل أو كانت من البقر أو كانت من الغنم.

قال رحمه الله: [فإن لم يجد فصيام كصيام المتمتع]: فإن لم يجد المجامع البَدَنة فإنه ينتقل إلى البدل فيصوم كصيام المتمتع، هذا مذهب بعض العلماء: أن الدم الواجب في الجماع والدم الواجب في جبران النسك - من ترك واجبا من واجبات الحج - هذه الدماء إذا عجز عنها ينتقل إلى الصوم، فيصوم عشرة أيام قياسا على التمتع، ووجه هذا القياس: أن المتمتع أوجب الله عليه الدم؛ لأنه كان المفروض بعد انتهائه من العمرة مادام قد دخلت عليه أشهر الحج كان المفروض أنه بعد أن ينتهي من العمرة أن يرجع ويحرم بالحج من ميقاته؛ لأنه مر بالميقات ناويا للحج والعمرة، فلما أحرم بالحج من مكة سقط عنه السفر الثاني وجبره بالدم، وهذا الدم دم جبران على أصح قولي العلماء بدليل أن المكي حينما جاء بالحج والعمرة وتمتع أسقط الله عنه الدم، وهذا يدل على أنه دم جبران؛ لأن الآفاقي هو الذي يلزمه الرجوع، وأما المكي فلا يلزمه، فلما فرّق الله بين حاضري المسجد الحرام من أهل مكة ومن كان في حكمهم وبين غيرهم دل على أن هذا الدم دم جبران في حكم الجبر، وإذا كان في حكم الجبر فكل دم جبر في فدية أو غيرها يلحق بهذا الدم، فإن عجز عن أصله انتقل إلى بدله وهو الصيام، هذا وجه القياس ووجه الإلحاق.

فالخلاصة: أنه يجب دم التمتع، فإن عجز عنه صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وإذا كان عليه دم جبرانا لواجب أو كان دما في فدية جماع؛ فإنه يقوم به، فإن عجز عنه صام عشرة أيام كاملة، ويختلف عن المتمتع؛ لأن صوم المتمتع ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع، وأما غيره فيصوم العشرة سردا ولا يشترط تتابعها.

قال رحمه الله: [وكذلك الحكم في دم الفوات]: وكذلك الحكم في دم الفوات: لو أنه خرج من بلده يريد الحج، ثم إنه لما وصل إلى عرفات طلع الفجر من يوم النحر فلا يمكنه أن يدرك الحج وقد فاته الحج، ففي هذه الحالة ويتحلل بعمرة وعليه دم؛ لأن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قضى بذلك في قضية هبار بن الأسود -رحمه الله-، فإنه فاته الحج في خلافة عمر -رضي الله عنه وأرضاه- فقال له عمر: ابق كما أنت؛ لأنه جاءه يوم العيد، وكان يظن أن يوم العيد هو يوم عرفة؛ لأنه تعرفون أن الناس يبنون على الرؤية وتختلف من مكان إلى آخر، فأخطأ ثم جاء في هذا اليوم بعد فوات الحج، فقال له عمر: ابق كما أنت يعني لازلت محرما حتى تأتي البيت، فتتحلل بعمرة، وإذا كان من قابل فاهدِ وحج، فأوجب عليه الدم هذا هو دم الفوات فإن عجز عنه صام.

قال رحمه الله: [والمحصر يلزمه دم]: والمحصَر يلزمه دم؛ لقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أحصر عام الحديبية نحر هديه -صلوات الله وسلامه عليه- فدل على أن المحصَر ينحر هديه ويتحلل إذا منع من الوصول إلى البيت وتعذر عليه الوصول إلى البيت فإنه ينحر هديه ويتحلل في موضعه؛ كما فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عام الحديبية حينما أحصر ومنعته قريش من بلوغ البيت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير