وأما قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((المتطوع أمير نفسه)) فإن هذا الحديث حجة على وجوب على إتمام الإمساك؛ لأنه قال: ((المتطوع)) ومن صام قضاء فليس بمتطوع؛ لأنه يصوم عن الواجب، وكذلك أكد ذلك النظر الصحيح؛ فإن قضاء رمضان منزّل منزلة رمضان؛ لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} والقضاء يحكي الأداء فلا يجوز له أن يفطر أثناء يومه في القضاء إلا من عذر والله تعالى أعلم.
السؤال الثاني:
فضيلة الشيخ: أشكل علي أن الحج لا يجب على الكافر، وقد ذكر بعض أهل العلم بأن الكافر مطالب بفروع الشريعة فما توجيه ذلك. وجزاك الله خيرا؟
الجواب:
هذه المسألة تعرف بهل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو لا؟
فمنهم من قال: مخاطبون بالتوحيد أولا، ثم بعد ذلك يخاطبون بفروع الشريعة.
ومنهم من قال: إنهم مخاطبون بفروع الشريعة، وقد اتفق الجميع على أنه لا تصح منهم فروع الشريعة إلا بعد أن يؤدوا الأصل وهو توحيد الله.
فائدة الخلاف يقول إنهم يعذبون على الكفر، وعلى ترك الامتثال للأوامر بفروع الشريعة؛ واستدلوا بذلك بأدلة: بقوله تعالى: {قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين} فذكر من ذنوبهم فروع الشريعة أنهم ما كانوا يقومون بحق الله عز وجل في الصدقات والزكوات، وكانوا يخوضون مع الخائضين، فهذا كله من فروع الشريعة وليس من أصولها؛ وعلى هذا قالوا إنهم مخاطبون بفروع الشريعة، وهذه المسألة معروفة في الأصول، وكثر فيها الكلام حتى قال بعض أئمة الأصول: ((مسألة طويلة الذيل قليلة النيل)) فالخلاف فيها طويل، ولكن الفائدة ما فيها فائدة، حتى قال بعضهم: إن الفائدة فيها قليلة؛ وعليه فإننا نقول: إنهم مخاطبون بفروع الشريعة مع أصل الشريعة كما ذكرنا. والله تعالى أعلم.
السؤال الثالث:فضيلة الشيخ: رجل من المدينة قصد ينبع وهو ناوٍ النسكَ فهل يلزمه الإحرام من ذي الحليفة أو الجحفة؛ علما بأنه سيمكث في ينبع أياما أفتونا بارك الله فيكم؟
الجواب:
من قصد جهة الساحل وغرّب قلنا إن ميقاته ميقات الساحل؛ ولذلك يعتبر من أهل المدينة الذين يمرون بالجحفة، وفرق بين من يمر من المدينة بالجحفة قاصدا للنسك بسفره أصلا وبين من يقصد موضعا بغربي المدينة لغير النسك؛ فحينئذ إذا أراد الزيارة هناك وقصد أهلا في ضبا أو الوجه وذهب إليهم فله أن يؤخر الإحرام إلى أن ينتهي من حاجته، وهذا هو أصح قولي العلماء والأفضل والأكمل له أن يحتاط فيحرم من المدينة. والله تعالى أعلم.
السؤال الرابع: فضيلة الشيخ: هل جد والد أمي يعتبر محرما لزوجتي أو لا وجزاك الله خيرا؟
الجواب:
نعم. جدك والد الأم محرم لزوجتك، ولكل امرأة بمجرد أن تعقد عليها يجوز لأبيك وأبيه وإن علا سواء من جهة الإناث أو الذكور، ولأبي أمك وأبيه وإن علا كلهم آباء لك؛ لأن أب الأم يعتبر أبا للإنسان، وابن البنت ابنا للإنسان؛ كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ابن بنته: ((إن ابني هذا سيد)) وقال في الجد قال تعالى: {ملة أبيكم إبراهيم} فيعتبر هؤلاء كلهم محارم للزوجة بمجرد عقدك عليها، فهم محارم وليسوا بأجانب، ولا يحل لهم أن يتزوجوا هذه المرأة أبداً، فهي محرمة على التأبيد. والله تعالى أعلم.
السؤال الخامس:
فضيلة الشيخ: إذا اشتد ألم ضرسي في رمضان فهل أفطر. وجزاك الله خيرا؟
الجواب:
لا ألم إلا ألم الضرس! يقولون: لا هم إلا هم العرس، ولا ألم إلا ألم الضرس! ألم الضرس معروف إذا كان ألم الضرس خفيفا يمكن الصبر عليه يجب عليك الصبر، إذا كان قويا شديدا يحرجك ويصل بك إلى درجة الحرج والعنت جاز لك الفطر، وهذا على الأصل المعتبر عند العلماء أن ما يوجب الحرج ينتقل إلى درجة الحاجة، والقاعدة ((أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة))؛ والدليل على أن مرتبة الحاجة والألم الشديد توجب الرخصة قوله تعالى: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} فإذا قلنا لك صم مع وجود هذا الألم الشديد؛ فإنه حرج وبيّن الله تعالى أنه ليس في دينه حرجٌ، فيرخص لك الفطر إن أردت الفطر، ولك أن تصبر حتى ينتهي يومك ثم بعد ذلك تعالج الألم. والله تعالى أعلم.
السؤال السادس:
¥