تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والطواف إما أن يكون طواف عمرة، وإما أن يكون طواف قدوم، وإما أن يكون طواف زيارة أو إفاضة، وهو طواف الركن في الحج، وإما أن يكون طواف وداع، أو يكون طوافا في سائر الأوقات طواف نافلة، أو يكون طوافا منذورا، هذه أحوال الطواف، فبين أنه يبتدئ بالطواف إن كان معتمرا فطواف عمرة، وإن كان حاجا فهو طواف قدوم للقارن والمفرد.

طواف قدوم للقارن كما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه الذين كانوا معه قارنين كعلي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وطواف عمرة كما فعله أكثر أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاصة من لم يسق الهدي منهم، وقد أمرهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يتحللوا وأن يجعلوها عمرة، وأما بالنسبة لكونه في طواف العمرة فلا إشكال بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - له.

قال رحمه الله: [فيضطبعه فيجعله وسطه تحت عاتقه الأيمن]: فيبتدئ بالطواف السنة عند ابتداء الطواف أن يضطبع، وهذا الاضطباع في بعض الروايات وقع قبل استلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للحجر، والاضطباع ويقال له أيضا التوشح والتأبط هو أن يجعل الرداء تحت إبطه الأيمن، ثم يرمي بطرفيه فوق عاتقه، وهذا ما أشار إليه ابن عباس -رضي الله عنهما- في الرواية الصحيحة في عمرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الجعرانة، قال: ((فجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم رموا بها على عواتقهم)) فهذا هو الاضطباع يكشف فيه المنكب الأيمن ولا يكشف الأيسر بل يغطى، وهذا لكي يعين على الرمل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعله أول ما فعله حينما قال المشركون: يأتيكم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فنزل الوحي على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بما قالوا في عمرة القضية فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصحابه أن يروا المشركين الجلد، فقال r - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((رحم الله امرءا أراهم من نفسه جلدا)) فاضطبع عليه الصلاة والسلام ورمل وخبّ الأِشواط الثلاثة الأُوَل فهي سنة شرعت بسبب وبقيت إلى الأبد. قال عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فيما الرملان وكشف المناكب وقد أطّأ الله للإسلام ومحا الكفر ولكن لا ندع شيئا فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومما يدل على بقاء هذه السنة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اضطبع في عمرته من الجعرانة وقد فتحت مكة، وهذا يدل على أنها سنة باقية وأن زوال السبب لا يقتضي زواله.

يضطبع: هذا الاضطباع قلنا يكون عند ابتداء الطواف، وللعلماء وجهان:

قالوا إنه للطواف ويكون في جميع الطواف، وقيل: إنه من أجل الرمل، فعلى القول أنه للطواف لا إشكال أنه يبقى مضطبعا حتى ينتهي من طوافه، وأصحاب هذا القول قالوا إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اضطبع ولم يحفظ عنه أنه غيّر الاضطباع، بخلاف الرمل فقد قال عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- خب الثلاثة الأشواط الأول ومشى الأربع، فذكر اختلاف الحال، ولم يذكر اختلاف الحال في الاضطباع فرأوا أنه يبقى مضطبعا.

واختار جمع من العلماء رحمهم الله والأئمة أن الاضطباع من أجل الرمل، وهو من جهة النظر أقوى، ولذلك يرون أنه من بعد انتهائه من الرمل يغطي كتفه، والأمر في هذا واسع، فمن تأول السنة وأبقى كشف الكتف إلى آخر الطواف لا ينكر عليه، ومن غيّر وستر فإنه لا ينكر عليه لوجود الاحتمال.

قال رحمه الله: [فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر]: يأخذ الرداء فيجعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن ثم يجمع الطرفين ويرمي بهما على عاتقه الأيسر، والعاتق ما بين مفصل الكتف والرقبة.

قال رحمه الله: [ويبدأ بالحجر الأسود فيستلمه ويقبّله]: ويبدأ بالحجر الأسود فيستلمه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابتدأ طوافه في حجه وعُمَره -صلوات الله وسلامه عليه- باستلام الحجر، والاستلام للعلماء فيه وجهان:

قيل: مأخوذ من السلام وهو التحية.

وقيل: مأخوذ من السلام وهي الحجارة؛ لأنه يمسح يده على حجر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير