تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلا الوجهين حكاهما العلماء -رحمهم الله- والأئمة. الاستلام أن يضع يده على الحجر وهو بمثابة التحية ثم بعد ذلك يقبّل؛ فصح الاستلام عنه عليه الصلاة والسلام كما في حديث جابر بن عبدالله وحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهم فبدأ بالاستلام قبل التقبيل، وهذه هي السنة أن يبدأ باستلام الحجر قبل تقبيله، وإن قبله ثم استلمه فلابأس، ولكن السنة أن يقدم الاستلام على التقبيل؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

الاستلام البعض يخلط بين الاستلام وبين التمكن من الحجر، فبعضهم يظن أن استلام الحجر هو وضع اليدين على جهتي الحجر من أجل أن يدخل رأسه، والواقع أن هذا ليس باستلام إنما الاستلام أن يدخل يده داخل الحجر، وحينئذ يكون الاستلام حقيقة ويكون بيده اليمنى بخلاف التمكن من الحجر فإنه يكون غالبا باليدين.

قال رحمه الله: [فيستلمه ويقبله]: ويقبله؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفي هذه الحالة يكون مقابلا للحجر بكليته، ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض أنهم يأتون من أجل الاستلام في بداية الطواف من جهة الباب فتجدهم يفوتون قدرا مما يجب تحصيله من الطواف؛ لأن الطواف لا يصح إلا بمسامتة الحجر كُلًّا يعني بالجسم كاملا، ولذلك قالوا إن السنة أن يقابل الحجر؛ قالوا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توجه إلى الحجر؛ لأن الداخل من جهة باب بني شيبة يستقبل الحجر، وهذا التوجه أشبه بالاستقبال في الصلاة، وهو قبلته ومقصوده البيت. ومن هنا قالوا إنه يستلم الحجر فيكون مسامتا للحجر تماما، فإن جاء من جهة الباب وجب عليه أن يكون على جهة الاعتدال المسامتة للحجر فيستلم الحجر ثم يقبله، والتقبيل أن يضع شفتيه على الحجر؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنه قبله وفي الصحيح من حديث عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه قال: ((أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبلك ما قبلتك)). وهذا يدل على أنه رأى النبي صص قبله وصح ذلك في حديث جابر بن عبدالله وحديث عائشة وحديث ابن عمر -رضي الله عن الجميع وأرضاهم- أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبّل الحجر.

والتقبيل أن يضع شفتيه على الحجر دون إحداث الأصوات والمبالغة في التقبيل وإطالة الوقت واللثم واللحس ونحو ذلك من الأمور التي لا أصل لها، على المسلم أن يتأسى بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم لينظر إلى هذا المحدّث الملهم عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الخليفة الراشد يقول: ((أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبلك ما قبلتك))، فدل على أن هذا التقبيل ينبغي أن لا يفعله الإنسان إلا في الوارد، وإذا فعله في الوارد أن يلتزم به صفة الوارد؛ ولذلك ما يفعله البعض من إحداث الأصوات ونحو ذلك من الأمور التي لم تأت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخالفا للسنة، وعلى المسلم أن يتحرى السنة وأن يتأسى بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

قال رحمه الله: [ويقول: بسم الله. والله أكبر]: بسم الله والله أكبر هذا صح عن ابن عمر عند الطبراني بسند صحيح أنه ابتدأ طوافه فقال: ((بسم الله والله أكبر))؛ ولذلك استحبه بعض العلماء -رحمهم الله- وليس فيه شيء مرفوع إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا أن ابن عمر بعد أن انتهى من فعله أسند ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومن هنا أجاز طائفة من أهل العلم التسمية، وأما التكبير فلا إشكال في ثبوتها في الأحاديث الصحيحة الأخر أنه كبر عند استلامه للحجر -صلوات الله وسلامه عليه-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير