قال رحمه الله: [ويقول: بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -]: هذا فيه حديث حسنه بعض العلماء -رحمهم الله- فيه ضعف لكن حسنه بعض العلماء واغتفر قوله عند ابتداء الطواف: ((اللهم إيماناً بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)) ومتنه قوي وصحيح؛ ولذلك قالوا باستحباب أن يبتدئ به عند طوافه أن يقول عند ابتداء الطواف ذلك.
والسنة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه كبر واستلم الحجر، ثم إنه عليه الصلاة والسلام أخذ ذات اليمين وهذا محفوظ في حديث جابر وحديث عبدالله بن عمر -رضي الله عن الجميع- أنه أخذ ذات اليمين.
وذهب بعض العلماء إلى أن أخذه ذات اليمين مقصود منه -عليه الصلاة والسلام-، ووجهوا ذلك القصد بأن المشركين كانوا إذا قبلوا الحجر أخذوا ذات اليسار وانحرفوا إلى جهة الباب، ولكنه خالفهم عليه الصلاة والسلام فأخذ ذات اليمين، ومن هنا إن كان تيسر للإنسان فإنه يأخذ بهذه السنة، فإذا استلم الحجر انحرف إلى جهة اليمين دون أن يولي البيت ظهره كما هو معلوم؛ لأن من شرط صحة الطواف أن يجعل البيت عن يساره فلا يوليه قفاه ولا يجعله كله أمامه إلا في مسألة التقبيل التي ورد النص باستثنائها.
قال رحمه الله: [ثم يأخذ عن يمينه ويجعل البيت عن يساره]: هذه هي الصفة الواردة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الطواف بالبيت، فالطواف المشروع أن يجعل البيت عن يساره؛ وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث ابن عباس الذي اختلف في رفعه ووقفه: ((الطواف بالبيت صلاة)) ومن نظر وجد أنه يشبه الصلاة من عدة أمور فهو يستقبل البيت عند ابتدائه للطواف ويستقبله أثناء طوافه ثم إنه يستفتح طوافه بالتكبير، وكذلك أيضا يجعل البيت على جهة واحدة وهي يساره، وكذلك يتطهر كما يتطهر للصلاة، ونحو ذلك مما فيه مشابهة لأفعال الصلاة، ومن هنا إذا طاف بالبيت لابد وأن يجعله قبلته، وقبلته في الطواف أن يجعله عن يساره، فلا يصح الطواف لو جعل البيت عن يمينه، فلو طاف سبعة أشواط وقد جعل البيت عن يمينه لم يصح طوافه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أداها عبادة على هذا الوجه.
قال رحمه الله: [فيطوف سبعا يَرْمل في الثلاثة الأُول من الحجر إلى الحجر]: فيطوف سبعة أشواط ويرمل من الحجر إلى الحجر: هذا في طواف القدوم في الحج، وكذلك في طواف العمرة لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل الرمل فيهما، ولا يفعل الرمل في طواف الإفاضة؛ لأنه قد حيى البيت ولذلك فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في هذه الأطوفة ولم يفعله في طواف الإفاضة، وقد طاف على بعيره صلوات الله وسلامه عليه.
يرمل الثلاثة الأشواط الأول كما صح في حديث جابر بن عبدالله عند مسلم وحديث عبدالله بن عمر في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خب الأشواط الثلاثة الأُول.
والرمل هو الإسراع في المشي ضرب من السير يقال له: الهرولة والرمل ما بين المشي المعتاد وما بين العدو والجري فهو وسط بينهما، اختلف هل هو مع هز المنكب أو بدون هز المنكب؟
على وجهين للعلماء -رحمهم الله-، وهذا الضرب من المشي هو ضرب الجلد والقوة كما يفعله في الجيش يفعلونه في الحروب ويفعلونه عند استعراضهم لقوة الجيش؛ لأنه يدل على الجلد والقوة وفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهذا المعنى كي يظهر للمشركين أنهم ليسوا أصحاب وهن وضعف -صلوات الله وسلامه عليه-.
يرمل الثلاثة الأشواط الأُول فإن تيسر له الرمل فالحمد لله، وإن لم يتيسر له؛ فإنه للعلماء فيه وجهان:
منهم من قال يقتصر على القفز ولو ضاق عليه المكان.
ومنهم من قال يسقط الرمل كلية.
وهذا راجع إلى وجود القفز فيه وعدم وجوده، وظاهر السنة أنه يقتصر على الهرولة، ثم من العلماء من قال الهرولة إن كان المكان فسيحا تكون بشدة يعني بأشد ما تكون الهرولة، وأخذوا ذلك من هرولة السعي وقالوا هما رملان.
¥