تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتعالى فهو أقرب إلى الإنسان من الحبل الوريد.

فالمقصود من هذا أنه ينبغي التأسي بالوارد وترك مثل هذه الأمور، بل إنه ربما يقرأ الكتاب وهو لا يعي معناه، حتى إنه ربما يكون في العمرة فيقول: اللهم إني أسألك حجا مبرورا وسعيا مشكورا وهو في العمرة!! وبعضهم يقول: لا تدع لنا ذَنَبا. قال بعض العلماء بجواره: إلا قطعته! فإنه لا يعرف، يتكلم بشيء لا يعرفه، ثم الجبن ينقلب إلى ما هو معروف ومعهود كل هذا سببه الجهل، وسببه الجهل بالله قبل كل شيء، لقد جهل الناس ربهم، فلم يعظموه حق تعظيمه ولم يقدروه حق قدره، الرجل يذهب إلى العمرة وإلى الحج لا يعي أنه وافد على الله وأنه ضيف على الله وأنه ينبغي عليه أن يتهيأ، يا لله العجب لو أنه ذهب إلى عظيم من عظماء الدنيا ولله المثل الأعلى، لوجدته يسأل كيف يدخل عليه؟ وماذا يقول؟ وما هي آدابهم؟ وما هي عاداتهم؟ وما هي تقاليدهم؟ لوجدته يستكثر من ذلك ولا يستقل ويبحث عنه ويفصل فيه بالقليل والكثير وهو داخل على ملك الملوك وجبار السماوات والأرض، ولذلك وما قدروا الله حق قدره، فيأتي الإنسان إلى عمرته وكأنه شيء معهود مألوف، ولقد كان الرجل من السلف إذا وقف ملبيا خر مَغْشيا عليه من تعظيمه لله عز وجل، وكان علي زين العابدين إذا قال: لبيك احمر واصفر، وأثر عنه أنه غشي عليه -رضي الله عنه وأرضاه- وقيل له في ذلك فقال: أخشى أن يقال لي لا لبيك.

فالمقصود من هذا أن الناس سببهم في وقوع هذه البدع والمحدثات والأمور الغريبة العجيبة حتى إنه يأتي للرجل بالمال ويقول له: طوفني، فيحتاج أن يدعو له، والدعاء لا يكون مستجابا إلا إذا كان خالصا ومن قلب، وهذا الذي يدعو يدعو بالمال حتى إنهم يضحكون على الناس وهذا ليس خاصا بالطواف، هذا كله مما لُبّس فيه على الناس في دينهم حتى إنه بلغ ببعضهم -والعياذ بالله- من الجرأة على الله أنه يأتي ويقول ألفاظا لا أصل لها حتى لربما أدخل الدين بالدنيا، وبلغ ببعضهم أنه يأتي ويقول له: اللهم إني نويت أن أعطي مزوّري كذا وكذا ريالا كل هذا حتى يضمن سقاط الدنيا وفتات الدنيا فكيف يكون الدعاء من مثل من كان قلبه بهذه المثابة معظماً للدنيا على الدين ومؤثرا ما عند الناس على ما عند الله عز وجل، فالمقصود من هذا أن هذه الأدعية وهذه الطريقة غير مشروعة، والمنبغي للإنسان أن يأتسي بالوارد، وأن يدعو من قلبه، ويقال له: ادع لنفسك، وادع لوالديك، واستغفر للمسلمين، ولو أنك طفت ولا تقول إلا رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين لخرج ببلايين ملايين الحسنات التي لا يحصيها إلا الله سبحانه وتعالى، فلو استغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء والأموات وكان له بكل مسلم من الحسنات ما لا يعلمه إلا الله، كم سيجد من هذه الكلمة الخفيفة على اللسان الثقيلة في الميزان، فنسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.

قال رحمه الله: [ثم يصلي ركعتين خلف المقام]: ثم يصلي بعد انتهائه من الشوط السابع ركعتين خلف المقام؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل لكل أسبوع ركعتين، وأجمع العلماء -رحمهم الله- على أن لكل أسبوع من الطواف ركعتين، وللعلماء وجهان:

هاتان الركعتان قيل تكون بعد طواف ولا تفصل بطواف آخر.

وذهب بعض السلف إلى التوسعة فيها فقال: لو طاف أسبوعا بعد أسبوع جاز له أن يؤخر ركعتي الطواف للأسبوع الأول، فيصلي أربعا بعد الأسبوع الثاني.

وهذا رخّص فيه بعض السلف كما أثر عن إبراهيم النخعي وغيره؛ ولكن السنة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه بعد ما انتهى من طوافه وفرغ صلى ركعتين.

خلف المقام: فتلا الآية: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} فصلى عليه الصلاة والسلام فجعل المقام بينه وبين البيت، وللعلماء في توجيه ذلك أقوال: قيل العبرة أن يجعل المقام بينه وبين البيت قريبا من البيت، وقيل قريبا أو بعيدا، وقيل المسجد كله مقام إبراهيم، فإذا صلى الركعتين في أي موضع جاز، لكن ينبغي أن يفرّق بين الجواز وبين الأفضل، فالأفضل أن يفعل ما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيجعل المقام بينه وبين البيت؛ تأسيا بالرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثم إذا لم يتيسر له ذلك المكان فإنه يتحرى في التأخر أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير