تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولا: أن الابتداء يكون بالصفا، وهذا هو فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقول جماهير العلماء والأئمة وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى جواز أن يبدأ بالمروة كما هو قول ابن خيران والصيرفي وابن بنت الشافعي.

والصحيح ما ذهب إليه الجماهير أنه لو ابتدأ بالمروة أو مشى إلى الصفا سقط ذلك الشوط ولم يعتد به، وأن عليه أن يبدأ بالصفا، وأن ينتهي بالمروة؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ والدليل على ذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ذلك وقال: ((خذوا عني مناسككم))، وأكد هذا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما تلا الآية قال:: ((أبدأ بما بدأ الله به)) فجعلها عبادة متبعا فيها التقديم الوارد في الكتاب، وهناك رواية في النسائي: ((ابدأوا)) وتكلم بعض العلماء على سندها فإن صحت فلا إشكال بوجوب البداءة بالصفا دون المروة.

قال رحمه الله: [ويسعى في موضع سعيه]: العبرة بما بين الصفا والمروة، وعلى هذا فالرقي إلى أعلى المروة والرقي إلى أعلى الصفا ليس بلازم، فلو اشتد الزحام أو كان مع الإنسان حطمة أو كبار السن أو مريض أو من يجهده الصعود إلى أعلى الجبل فإنه على آخر الصفا، وآخر الصفا هو منتهى مجرى العربيات الموجودة الآن، وتحرى العلماء والمشايخ -رحمهم الله- وضع هذا أن يكون عند آخر الحد، ولذلك كان في الفتوى أنهم يراعون في آخر الحد حتى إذا جاء بل لا يمكن الرقي بالعربية إلى آخر إلى الموضع المعروف من الجبل فهذا الحد هو القدر الذي يبدأ عنده الصفا فلو رقى على طرف الصفا وعلى طرف المروة فقد حصل المكان المأمور بتحصيله.

ثانيا: الأصل أن يكون على قدميه السعي، فإن احتاج لمرض أو كبر أو ضعف أن يركب العربية ونحوها فإنه يصح سعيه بذلك، يراعي السعي بين الصفا والمروة على ظاهر النص، ورخص بعض العلماء في السعي في الدور الثاني، ومنع منه بعض العلماء وهي مسألة متأخرة نازلة اختلف فيها العلماء -رحمهم الله- فكان بعض العلماء يرى ولا يزال بعضهم من الأحياء -حفظهم الله- يرون أنه يسعى في الدور الثاني وبنوا ذلك على أدلة منها أن الأصل الشرعي يقتضي أن الأعلى يأخذ حكم الأسفل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((من ظلم قِيْدَ شبر من الأرض طوّقه يوم القيامة من سبع أراضين)) فجعل الأسفل كالأعلى والأعلى كالأسفل، وسمعت في الفتوى في إبان حياة سماحة الشيخ عبدالعزيز -رحمه الله- أن العلة أن من ملك أرضا ملك سماءها، وهذا أصل متفق عليه بين العلماء، فهو مبني على هذا المعنى في الحديث الذي ذكرناه.

ومنع منه بعض العلماء كالشيخ الأمين -رحمه الله- والوالد -رحمة الله على الجميع- ويرون أن البينية تقتضي ظرف المكان، ففرقوا بين الطواف في الدور الثاني بالبيت وبين السعي بين الصفا والمروة؛ لأن البينية مقصودة فقال: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} وعلى كل حال من تأول فتوى من يجيز لا ينكر عليه، ومن أخذ بالاحتياط في دينه فلا ينكر عليه، والمنبغي أن يحرص الإنسان قدر استطاعته أن يلتزم الوارد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما أمكن، وهذا من رحمة الله عز وجل لو أن الناس كلهم الآن يسعون في الدور الأول كيف يكون؟! ولكن الله وسع على العباد، والاجتهاد من نظر إلى أصول العلماء يرى له مبررات صحيحة، ولذلك في الطواف في الدور الثاني لم يفرّق فيه بين الدور الثاني والثالث وجعل أعلى الأرض كأسفلها فلا فرق بين الطواف وبين السعي عند من يقول بالجواز.

قال رحمه الله: [ويسعى في موضع سعيه حتى يكمل سبعة أشواط]: يشترط في صحة السعي أن يكون سبعة أشواط لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعتد بالسبع، ومذهب الجمهور أنها سبع كاملة. وذهب بعض الفقهاء إلى أن العبرة بأكثر السعي أربعة فأكثر وهذا أصل عند الحنفية أن أكثر الشيء يأخذ حكم الكل، وعلى هذا فإنه يعتد بالأربع فلو فاتته الثلاث أو ترك الثلاث أمكنه الجبر.

ولكن الصحيح ما ذهب إليه الجماهير من أن العبرة بكل الطواف وبكل السعي، وعلى هذا فإنه لابد وأن يستتم سبعة أشواط ذهابا وإيابا على التفصيل الذي ذكرناه يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير