تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمصنف -رحمه الله- درج في العبادة على تقديم صفة الكمال على صفة الإجزاء، ولذلك ذكر صفة الصلاة كاملة، ثم ذكر باب أركان الصلاة وواجباته، وهنا صفة الحج كاملة، ثم قال باب أركان الحج وواجباته، فسيذكر رحمه الله الصفة كاملة كما وردت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في هديه.

قال رحمه الله: [وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالا أحرم من مكة وخرج إلى عرفات]: [وإذا كان يوم التروية] كان: تامة. [وإذا كان يوم التروية] وقع وحصل خرج إلى منى: السنة لمن تمتع وتحلل في مكة أن يخرج من مكة محرما إلى منى؛ وذلك هو فعل أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وشدد بعض العلماء كما أشار شيخ الإسلام -رحمه الله- وقال: الأصول تقويه في تأخيرهم للإحرام والنية إلى منى؛ والسبب في ذلك أن فعل الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم أحرموا من منزلهم بالمحصب والأبطح وهو منزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحذاء خيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر، وهذا يدل على أنهم يمضون إلى منى محرمين حتى يكون من العبادة؛ وهذا أفضل إذ إنه أعجل في الوقت، وأكثر في العمل، فهو أعظم أجرا وثوابا.

فبعض الناس اليوم بعضهم يأخذ إحرامه إذا كان متمتعا ولا يحرم إلا في منى، والسنة أن يمضي إلى منى محرما إذا كان متمتعا، وشدد كما ذكرنا بعض العلماء واختلفوا: هل عليه دم إذا أخر إلى منى أو لا؟ فذهب بعض العلماء إلى التفريق بين تأخيره إلى منى وتأخيره إلى عرفات، ووجه ذلك أنه إذا أخر إلى عرفات فقد جمع بين الحل والحرم وحينئذ عليه الدم، ولكنه في منى داخل حدود الحرم؛ لأن منى من الحرم، ولكن ينبغي للمسلم أن لا يقع في هذه الإشكالات، والسنة واضحة في هذا، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- خرجوا إلى منى محرمين.

قال رحمه الله: [فمن كان حلالا أحرم من مكة وخرج إلى عرفات]: فمن كان حلالا إذا كان يوم التروية؛ سمي بذلك لأنهم كانوا يحملون الماء إلى عرفات من أجل الري -ري الحاج-؛ لأن عرفات لم يكن فيها ماء فكانوا يحملون الماء لكثرة الناس في الحج، فيحتاجون إلى تهيئة الماء قبل يوم عرفة، فصار اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية وسمي بهذا الاسم لهذا الفعل الموجود فيه، والتروية من الري، والمراد به ري الماء، والسنة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه خرج من منزله بخيف كنانة، وكان قد ضرب خيمته وقبته -صلوات الله وسلامه عليه- في الخيف حيث تقاسموا على الكفر وخيف بني كنانة، فخرج عليه الصلاة والسلام وخرج معه أصحابه، ثم إنه عليه الصلاة والسلام صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر من صبيحة التاسع بمنى، هذه هي السنة أن يمضي قبل صلاة الظهر وأن يكون محرما وأن يصلي الظهر بمنى، ثم يبقى بمنى حتى يصلي العصر والمغرب والعشاء والفجر وهي خمسة فروض؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا على السنة ليس على اللزوم كما سيأتي.

قال رحمه الله: [فمن كان حلالا أحرم من مكة وخرج إلى عرفات]: هو كان من المنبغي أن يقول إذا كان يوم التروية خرج إلى منى أولاً؛ لأنها هي صفة الكمال أن يخرج إلى منى وأن يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولكن قد يضيق الوقت فاعتد بقدر الإجزاء وهو الذهاب إلى الركن الأعظم وهو عرفة، ولكن السنة ما ذكرناه أنه يبيت بمنى ليلة التاسع، ثم السنة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه لما أصبح خرج هو وأصحابه ومضى إلى عرفات، وكان خروجه من طريق ضب، فخرج من طريق ضب وهو الطريق من الأسفل من جهة جمرة العقبة، ويجعل بذلك منى ومزدلفة عن يساره وينخرط في هذا الطريق الذي بجوار السقاية – سقاية الزبيدة - ويكون الأخشبان وطريق المأزمين عن يساره أيضا وهو الطريق الأسفل، فخرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى عرفات من طريق الضب، وكان معروفا بهذا الاسم، وسلكه في ذهابه إلى عرفات، وفي رجوعه دفع من طريق المأزمين، وطريق المأزمين هو الذي فيه حدود الحرم ما بين المأزمين الأخشبين اللذين هما حد مزدلفة عند مصب الوادي في أعلى مزدلفة من جهة الحرم، فسلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طريقا للذهاب إلى عرفة وطريقا عند

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير