تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الله لا يغفر لهؤلاء)). أشقى الناس من ظن أن الله لا يغفر لهؤلاء. فمن الذي جاء بهم من هذه المسافات البعيدة، ومن هذه الأماكن البعيدة، ويسّر لهم وحملهم ورزقهم من الطيبات هو سبحانه وتعالى فهو أهّّلهم لهذه النعمة العظيمة والمنة الكريمة فهو يوم العتق من النار ويوم المغفرة.

فالتشاغل بالأكل والتشاغل بالنوم والتشاغل بالأحاديث والقصص والنكت وغير ذلك كل يخالف مقصود الشرع من هذا اليوم، فهذا اليوم يوم عبادة، وأدركنا من العلماء والأجلاء من كان على هذه الوتيرة كما ذكر عبدالله بن المبارك عن هذا الإمام من أئمة السلف أنه دخل عليه مبتهلا قد بلل ثوبه بالدموع، ولقد ر أينا من مشايخنا وعلمائنا ما نتعجب إذا رأينا أحوال الناس عليه اليوم وأدركنا من العلماء والفضلاء من إذا صلى الظهر والعصر تغيّرت حاله، وأقبل على ربه متذللا متبذّلا على وجهه الخوف، ويرى على وجهه السكينة والخشوع والتذلل لله، وشدة الابتهال والدعاء فلا يعرف الناس ولا الناس تعرفه، مقبل على ربه بصدق، فهي ساعات الإنابة وساعات الاستجابة، إذا صدق العبد مع ربه، وأصابته رحمة الله عز وجل فهو سعيد، فما يفعله بعض الناس من التساهل و التشاغل، فشيء عجيب أن الرجل تجده يأتي إلى عرفات حتى إذا جاء وقت الدعاء وجدته يبحث عن سيارته، ويبحث عن ماذا يفعل في رحله ومأكله ومشربه ورفقته، وهذا كله من الغفلة، فعلى الإنسان أن يحرص على كسب هذا الوقت، وعلى بلوغ أفضل المنازل فيه. جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل. فيجتهد بالدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى.

قال رحمه الله: [وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة]: لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((وقفت ههنا وعرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة)). فعرنة الوادي ليس من عرفات، ومقدم المسجد الموجود الآن ليس من عرفة؛ لأنها في بطن عرنة، ولاشك أنه من التوفيق جعل هذه المقدمة من المسجد لأجل أن يكون المنبر في بطن الوادي؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومن أحسن ما يكون قفل الأبواب التي تسامت الوادي حتى إذا وقف أحد في داخل هذا الموضع فإنه إذا خرج من بعد المغرب يخرج وقد ألمّ بطرف عرفات، فمقدمة المسجد ينبغي التأخر عنها بعد الانتهاء من الصلاة ينصرف إلى مؤخرة المسجد حتى يدخل في عرفة ويدعو.

قال رحمه الله: [ويستحب أن يقف في موقف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو قريبا منه على الجبل قريبا من الصخرات]: إن تيسر له ذلك. والجبل جبل إلال، الرقي على الجبل والصعود على الجبل ليس له أصل، وهذا الجبل لم يرد فيه سنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا قولا ولا فعلا لا بفضله ولا بشرف الرقي عليه ولا فضل الجلوس عليه، وما يفعله العوام من قصد هذا الجبل والطلوع عليه وأخذ الصور والتذكار، كل هذا بدعة وحدث وبخاصة إن فيه نوعاً من المباهاة، وفيه نوع من التعظيم واعتقاد تعظيم الموضع ولا يجوز تعظيم مكان واعتقاد فضل مكان إلا إذا دل الشرع على ذلك الفضل، وانعقدت النصوص على تلك الدلالة، فينبغي تنبيه الناس في ذلك. هذا الجبل ليس له مزية وليس له فضل، ولكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استقبل القبلة عند الصخرات أسفل الجبل وجعل حبل المشاة بين يديه صلوات الله وسلامه عليه. ودعا حتى غاب عليه الشمس.

قال رحمه الله: [ويجعل حبل المشاة بين يديه]: يجعل حبل المشاة بين يديه والحبل إذا مشى الناس في البرية أو في الوادي أو في المقطع من الطريق وأخذوا طريقا واحدا يصبح بينا مثل الحبل، فترى بياضه من بين الطريق، فيقال حبل المشاة يعني الطريق الذي يسلكونه قال رحمه الله: [ويستقبل القبلة ويكون راكبا]: هذه السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه استقبل القبلة، ويكون راكبا على دابته إن تيسر له، وإن لم يتيسر فهل يقف أو يجلس؟ هذا راجع إلى مسألة من جلس على الدابة هل هو جالس أو قائم؟ فقال بعض العلماء: إنه يقف أبلغ في التضرع، وبعضهم يقول بالجلوس، والجلوس فيه وجه لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان على دابته وهذا نوع جلوس، ومن هنا إذا وقف له وجه وإذا جلس له وجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير