تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ويكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير]: يكثر من التهليل بالتوحيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((خير الدعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبي من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) وهذه المسألة راجعة هل الأفضل الدعاء أو التمجيد؟ فمن أهل العلم من قال: إنه لو اقتصر على التمجيد لكان أفضل، فلو أنه اجتهد في كثرة التهليل لله –عز وجل- والتكبير والتعظيم يكون أبلغ واحتجوا له بقول: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) وأفضل الذكر قول: لا إله إلا الله. وهذا له وجه صحيح من الأصل.

ومن العلماء من قال إن الدعاء أفضل؛ لأن المقصود دعاء عرفة، ومنهم من قال باستحباب الجمع بين التمجيد والدعاء، فيدعو ويجعل في أضعاف الدعاء التهليل والتمجيد لله عز وجل.

قال رحمه الله: [ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس]: هذا الاجتهاد أصدقه وأكمله وأفضله أن يكون بخلوص لله عز وجل، فيقف بلا رياء ولا سمعة، فيتخير المكان الذي ينزوي فيه عن الناس، ويبتعد فيه عن رؤية أحبابه وأصحابه وأصدقائه إن تيسر له ذلك حتى يكون أقرب للإخلاص؛ لأنه ربما خشع ودمع وبكى وخضع لله عز وجل، ومن هنا جاء في الحديث الذي صححه غير واحد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة)).

فالإنسان إذا جاء يجتهد في الدعاء يتحرى المكان المناسب للإخلاص والحال الأفضل والأكمل، فأكمل الناس حالا في دعائه وتضرعه من سأل الله من قلبه موقنا بربه متأدبا في سؤاله، واختار جوامع الدعاء، عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متأسيا بالسنة، وخشع وخضع لله، وسأل الله بقلب يعي ويعقل ما يقوله، وأخذ بالسنة في الدعاء، فهذا - إن شاء الله - من أرجى الناس للإجابة من الله سبحانه وتعالى

قال رحمه الله: [ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة عن طريق المأزمين وعليه السكينة والوقار] فإذا غابت الشمس هذا أول شيء، وذهبت الصفرة التي تلي المغيب ثاني شيء، أي أنه لا يعجل بالخروج بمجرد المغيب، ولذلك قال جابر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((وانتظر حتى ذهبت الصفرة))، وهي تكون بعد المغيب، فالسنة أن يدفع، ويكون الدفع بعد دفع الإمام، وانتظار المغيب لمن وقف قبل غروب الشمس واجب، فلو أنه دفع قبل غروب الشمس ولو بلحظة لزمه أن يرجع، فإذا لم يرجع إلى أن طلع الفجر فعليه دم؛ لأنه يجب على من وقف بعد الزوال وقبل المغيب أن يحصل جزءا من الليل في وقوفه، وهذا لا يعارضه عموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ووقف بعرفات أي ساعة من ليل أو نهار)) فهذا العموم خصصه الفعل من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حيث بيّن وقوف النهار، وأنه لا يصح قبل الزوال، وأنه يكون إلى مغيب الشمس، ووقع فعله بيانا لواجب فكان واجبا، وعلى هذا يدفع بعد غروب الشمس، فالسنة أن يدفع وعليه السكينة والوقار، يدفع مع الإمام مع جماعة المسلمين؛ لأن للحج إماما، فينتظر حتى يدفع الإمام فيدفع بدفعه، ولازالت هذه السنة باقية إلى اليوم والحمد لله، فإمام الحج أمير الحج هو إمام للحجاج وأميرهم، فيدفع بدفعه، وهذا فعل السلف الصالح -رحمهم الله- ومن بعدهم، فيجعل دفعه بعد دفع الإمام وينتظر حتى يدفع، ثم يأخذ بالسكينة، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يأمر الناس بالسكينة في دفعه من عرفات إلى مزدلفة، فكان الناس يسرعون، ويضعون في سيرهم في الإبل، وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسير العَنَق كما في حديث الصحيحين: ((كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسير العَنَق – وهو ضرب من السير- فإذا وجد فجوة نصَّ)) – والنص فوق العَنَق – ضرب فوق العَنَق فكان آخذ بزمام ناقته القصواء قد شَنَقها، أي أنه لا يريد أن يرسل لها حتى لا يسرع في السير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير