تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة عن طريق المأزمين وعليه السكينة والوقار ويكون ملبيا ذاكرا] ويدفع إلى مزدلفة عن طريق المأزمين، والمأزم هو الجبل، والمأزمان الأخشبان اللذان يكتنفان حدود الحرم، قِبَالة المسجد- مسجد نَمِرة- هذا الطريق سلكه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في دفعه من عرفات إلى مزدلفة إفاضته -عليه الصلاة والسلام- وهو سنة أن يسلك هذا الطريق على خلاف بين العلماء –رحمهم الله – هل هو مقصود أو غير مقصود؟

والأقوى أنه إذا فعل تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه يؤجر ويكون من السنة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خالف بين الطريقين مع أن كِلا الطريقين يمر بمزدلفة، أحدها يمر بحذائها وهو طريق ضَبّ عند ذهابه، والثاني يفيض إليها عند المشعر عند رأس جبل قُزَح في نهاية مصب الوادي من بين الأخشبين. فكون عليه الصلاة والسلام يتحراها هذا لاشك أنه لمعنى، ومن هنا إذا أفاض من مأزمين يكون متأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو أفضل

قال رحمه الله: [وعليه السكينة والوقار]: وعليه السكينة: من السكن، والوقار: من وقر الشيء إذا ثبت، فيكون ثابتا بعيدا عن كثرة الحركة، وهيشات الناس، وفعل العوام، وهذا لكي يتجانس مع العبادة، وأفعال العبادات والذهاب إلى العبادة والمضي للعبادة ينبغي أن يكون متناسبا مع العبادة؛ ولذلك أُمر الخارج إلى المسجد أن يأتي الصلاة بسكينة ووقار؛ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة)).

فالشاهد من هذا أن عليه السكينة والوقار؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

قال رحمه الله: [ويكون ملبيا ذاكرا لله عز وجل]: ويكون ملبيا ذاكرا لله عز وجل, التلبية في الطريق عند بعض العلماء كما أشار شيخ الإسلام وغيره –رحمة الله عليهم- أن التلبية تكون فيما بين العبادات، لا في أصل المواقف، ولذلك منع بعض العلماء من التلبية على الصفا، ومنع بعضهم من التلبية في أثناء الدعاء في مزدلفة، قالوا: لأنها هي المقصود، والتلبية تكون في أجزاء الطرق، ولذلك قال أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((غدونا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى عرفات فمنا الملبي ومنا المهلل ومنا المكبر)).

وكذلك أيضا قال الفضل بن عباس: ((كنت رديف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوم النحر فلم يزل يلبي حتى بلغ جمرة العقبة)).

فالشاهد من هذا أنهم يرون أنها في الطرق وأجزاء المناسك أنها آكد استحبابا يعني ينبغي عليه أن يحرص على التلبية، فيلبي في ليلة النحر على أصح قولي العلماء –رحمهم الله – أن التلبية لا تنقطع يوم عرفة.

وذهب بعض السلف إلى أن التلبية يقطعها يوم عرفة.

والصحيح أن التلبية تقطع وتنتهي عند رمي جمرة العقبة؛ لقول الفضل 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((كنت رديف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوم النحر فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة))؛ ولأن عبدالله بن مسعود في ليلة النحر ليلة العيد لبى فنظر إليه الناس، فقال: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول: هه لبيك نا اللهم لبيك.

فأثبت أن التلبية باقية بعد عرفة؛ خلافا لمن قال إنها تنقطع يوم عرفة.

والذين قالوا تنقطع يوم عرفة ردوها إلى المعنى أن التلبية إجابة بعد إجابة؛ ومن بلغ المكان الذي دعي إليه فلا يشرع أن يقول لبيك.

فرأوا أن الحج عرفة، وعرفة هي الغاية والمقصود، وهذا النظر يعارض الأثر المرفوع، ولا اجتهاد مع النص، النص واضح أنه يشرع أن يلبي في دفعه من إفاضته، وفي دفعه من مزدلفة إلى منى.

قال رحمه الله: [فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال يجمع بينهما]: السنة أن لا يصلي المغرب بعرفة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لأسامة بن زيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لما قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -وكان رديفه من عرفات إلى مزدلفة-: الصلاة. قال له: ((الصلاة أمامك)). وهذا يدل على أن السنة أن يؤخر الصلاة إلى أن يصل إلى مزدلفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير