تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال بعض العلماء حتى ولو وصلها بعد منتصف الليل؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((الصلاة أمامك)) فلا مكان لهذه الصلاة في تلك الليلة إلا بمزدلفة.

قال رحمه الله: [يجمع بينهما]: يجمع بين المغرب والعشاء بأذان وإقامتين كما صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الأصل في الجمع، فإذا نزل إلى مزدلفة صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أفاض من عرفات إلى مزدلفة، ثم لما وصل الشعب الذي دون مزدلفة دخله -عليه الصلاة والسلام- فقضى حاجته وتوضأ وضوءا سريعا - صلوات الله وسلامه عليه- ما ترك الصحابة شيئا حتى صفة الوضوء قالوا إنه خفيف منه عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع، من دقتهم -رضي الله عنهم- وحرصهم على معرفة ما فعل عليه الصلاة والسلام، ثم إنه عليه الصلاة والسلام مضى إلى مزدلفة فأمر بلالا فأذّن ثم أقام فصلى المغرب، ثم جلس بقدر ما قام كل رجل إلى رحله ثم أمره فأقام العشاء ولم يسبح بينهما وعلى إثرهما كما في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فلم يصل راتبة المغرب بين المغرب والعشاء لم يسبح بينهما. لم يسبح يعني لم يصل، لا مثل بعضهم يقول لم يسبح يعني ما قال الأذكار بين المغرب والعشاء، ثم يأتي باجتهاد عجيب ويقول: إذا جمع يقوم مباشرة حتى قبل الأذكار! وهذا في الحقيقة ينبغي أن ينتبه لها، كثير ممن يجمع، بل حتى إن بعض الأئمة عليهم أن يعلموا الناس السنة، فإن الجمع ينبغي أن يتريث فيه بين الأولى والثانية بقدر ما ينتهي من الأذكار.

فقوله: ولم يسبّح ليس معناه أنه لم يذكر؛ لأن التسبيح المراد به الصلاة من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، ولذلك قال: لم يسبح بينهما وعلى إثرهما – صلوات الله وسلامه عليه-.

فلما جمع صلوات الله وسلامه عليه في مزدلفة كما ذكر جابر ترك قدرا بقدر ما يحط الرحل ثم أمره فأقام، فصلى عليه الصلاة والسلام بالناس العشاء، هذه هي السنة حتى ينتهي من الأذكار، فإذا انتهى من الأذكار أقام الصلاة الثانية ثم صلى، فلما صلى عليه الصلاة والسلام كان جمعه جمع تأخير؛ لأن المسافة بين مزدلفة وبين عرفات لا يصل فيها في وقت المغرب غالباً وبخاصة إنه نزل وقضى حاجته – عليه الصلاة والسلام-؛ ولذلك نص طائفة من العلماء على أن هذا الجمع وقع من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع تأخير وليس جمع تقديم.

قال رحمه الله: [ثم يبيت بها] ثم يبيت بمزدلفة تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وسيأتي أن هذا المبيت واجب من واجبات الحج، ويرخص للضعفة والعجزة وكبار السن ومن يفتقرون إليه كالسائقين والخدم ونحوهم ولو كانوا أقوياء أن يدفعوا بعد منتصف الليل؛ وذلك لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للضعفة من أهله. قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: ((كنت في من قدّم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -))، فيقدم الضعفة من النساء والأطفال والشيوخ وكبار السن ونحوهم كالمريض ونحو ذلك يقدمون توسعة من الله عز وجل لعباده.

أما غيرهم فإنه يبيت، وهذا هو أصح قولي العلماء وسيأتي - إن شاء الله - في واجبات الحج، وهو أصح قولي العلماء، ولكن للأسف الآن أصبح الذي يتقدم هم الأقوياء والذي يتأخرون هم الضعفة؛ وإذا ذهب الضعفة وتعجلوا فلربما هلكوا، وكل هذا بسبب مخالفة السنة، والعبث ببعض النصوص الصحيحة الواضحة في الدلالة على لزوم المبيت، ولو أنهم أخذوا بسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكان في ذلك من الرحمة والرفق بالناس الخير الكثير، ومرادنا بذلك الذين يذهبون ويتعجلون مع إمكان تأخرهم، وتيسر التأخر لهم.

قال رحمه الله: [ثم يصلي الفجر بغلس]: المبيت بمزدلفة من أفضل ما فيه وأكمل ما فيه وأعظم ما فيه الوقوف بالمشعر، وهو وسيلة للوقوف بالمشعر، حتى إن بعض العلماء يرى أن الوقوف بالمشعر ركن؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذه وكان قد أتى عرفات من أي ساعة من ليل أو نهار)). وإن كان الصحيح أنه ليس بركن، ولكن انظر كيف العلماء عظموا هذا الأمر في الوارد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير