تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [ويستحب أن يكون من دعائه: اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكرو الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم]: هذا الدعاء ليس فيه شيء مرفوع عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وذكره المصنف هكذا، لكن الأصل عند أهل العلم –رحمهم الله – أنه لا يجوز تخصيص الدعاء المعين في المكان المعين أو الزمان المعين إلا بأصل شرعي، ولذلك لا وجه لتخصيص أي نوع من الدعاء في أي موضع من المناسك إلا إذا صحت به الرواية عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وهذا في الحقيقة ليس فيه مرفوع، لا حديثا ولا أثرا عن الصحابة - رضي الله عنهم -، ولذلك لا داعي لتحديد دعاء معين، فيدعو بما فتح الله عز وجل عليه، وقد قسم الله عز وجل الناس إلى:

من يقول: ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق، وإلى من يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فهم الفائزون الرابحون، يسأل الله عز وجل من خير دينه ودنياه وآخرته.

قال رحمه الله: [ويقف حتى يسفر جدا]: تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والإسفار طبعا أسفر الشيء إذا بان واتضح، والغلس اختلاط ظلمة الليل بضياء الصبح، والغلس يكون في بداية وقت الفجر، ويستمر يعني يأخذ قدرا على حسب طول الليل وقصره في الصيف والشتاء، ولذلك كانت النساء يشهدن صلاة الفجر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ثم ينقلبن إلى بيوتهن كما في الصحيحين ما يعرفهن أحد من شدة الغلس.

وقال جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لما سئل عن صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المكتوبة؟ قال: ((الصبح كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصليها بغلس)).

فغلس اختلاط ظلمة الليل بضياء النهار. هذه السنة أن يبدأ صلاة الفجر يغلس بها يعني يصليها في أول الوقت، ثم بعد ذلك يقف، ثم بعد ذلك إلى أن يسفر ثم يدفع، وهذا يدل على مسألة مهمة جدا وهي هذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- في سنته وإمامته للناس في الصلاة مراعاته للأحوال، فإذا كان هناك شيء يدعو إلى التطويل أطال عليه الصلاة والسلام، ثم فعل من فعله ما يناسب الإطالة، فإذا كان يقرأ من الستين إلى المائة الآية وينصرف الصحابة ما تعرف النساء من شدة الغلس، فهذا يدل على أنه يوقع في أول الوقت بخلاف ما إذا طال الفصل بين الأذان والإقامة، فلربما إذا طال الفصل إلى ثلث ساعة إلى نصف ساعة وبخاصة إذا كان يريد أن يقرأ في صبح الجمعة، وبعض الأئمة يريد أن يحبّر قراءته فيطيل ولربما يكون بعضهم كما في الحرمين يكون قد جاء من الأذان الأول، فيا ليت عند قصد الإمام للإطالة أن يراعي السنة بالتبكير، فبدل أن ينتظر نصف ساعة يجعل ربع ساعة، ثم يقرأ القراءة ويعطي حقه وينصرف مصيبا للسنة؛ لأن السنة أن ينصرف منها بغلس، فلما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عنده الموقف غلّس بالصلاة، فحصّل فضيلة الصلاة في أول وقتها، وثانياً حصّل الوقت الكافي في الدعاء، وحصل مخالفة المشركين بالخروج والدفع قبل طلوع الشمس.

قال رحمه الله: [ثم يدفع قبل طلوع الشمس] تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

قال رحمه الله: [فإذا بلغ محسرا أسرع قدر رمية بحجر حتى يأتي منى]: محسر هو وادي محسر الذي حسره الله فيه الفيل، وقصة الفيل قصة معروفة وثابتة بالنص كما في سورة الفيل، فهذا العبث الذي يفعله بعض الكتاب من التشكيك والتوهين في القصة ومكانها وأنها لم تكن بمكة، ألا شاهت هذه الوجوه الآثمة الظالمة التي لا يقصد في الحقيقة مسألة إثبات القصة أولا، المسألة وراءها شيء أكبر من هذا كله، وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا هذا، هناك في الغزو الفكري ما يسمى التشكيك في الثوابت، والتشكيك في الأصول، والتشكيك في الثوابت والأصول إذا كانت الثوابت ما تقبل عند المسلمين جدالا لا يعبثون بها، ولكن يبحثون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير