تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [فيرمي بها الجمرات بعد الزوال من أيامها كل جمرة بسبع حصيات]: كل جمرة من الثلاث بسبع حصيات: أجمع العلماء -رحمهم الله- على أن السنة الواردة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حصى الجمرات في يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر أنه رمى كل جمرة بسبع حصيات، وأن لكل يوم إحدى وعشرين حصاة، لكل جمرة منها سبع حصيات، هذه هي السنة المحفوظة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يزاد عليها ولا ينقص منها؛ لأنها عبادة توقيفية، ولم يلتقط عليه الصلاة والسلام هذه الإحدى والعشرين حصاة من غير منى، بل كان يلتقطها عليه الصلاة والسلام من منى، وما يفعله بعض العوام كما نبهنا بالأمس من أنهم يلتقطون كل الجمرات بمزدلفة فهذا لا أصل له، إنما التقط عليه الصلاة والسلام جمرة العقبة وحدها وهي سبع حصيات. فقال للفضل بن عباس رضي الله عنهما: ((القط لي سبع حصيات)).

قال رحمه الله: [يبتدئ بالجمرة الأولى فيستقبل القبلة ويرميها بسبع حصيات كما رمى جمرة العقبة]: يبتدئ بالجمرة الصغرى والصحيح أن الترتيب معتبر في رمي الجمرات، فلابد أن يرميها مرتّبة، فلو أنه رمى الكبرى وهي العقبة ثم الوسطى ثم الصغرى صح رمي الصغرى ولزمه أن يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي الكبرى، صح رمي الصغرى؛ لأنه معتد به، ولم يصح رمي الوسطى؛ لأنها لا تصح إلا بعد الصغرى ولا رمي جمرة العقبة؛ لأنها لا تصح إلا بعدهما -بعد الصغرى والوسطى-، فلابد من الترتيب، وعلى هذا يبدأ بالصغرى التي تلي مسجد الخيف، فيستقبل القبلة على ما نص عليه طائفة من العلماء أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رماها من جهة المسيل وأسهل عليه الصلاة والسلام إن تيسرت له هذه الجهة وإن لم يتيسر له هذه الجهة فمن أي موضع في الجمرة الصغرى يجزيه الرمي؛ لأن المقصود أن يرمي؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يلزم الصحابة من موضع معين، إنما الأفضل والأكمل هذا أن يرمي بسبع حصيات، مثل حصى الخذف وهو الحصى الذي يمكن أن يضعه الإنسان بين السبابة والإبهام فيقذف ويحذف ويرمي به، فخرج بهذا الحصى الكبيرة، والسؤال: لو أنه أخذ حجرا كبيرا ورمى به الجمار هل يجزيه؟

وجهان للعلماء:

قال بعض العلماء: لا يجزيه. وقال بعضهم: يجزيه؛ لأنه رمى وأساء بمخالفة السنة.

والأقوى أنه يعيد الرمي؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((بمثل هذا فارموا وإياكم والغلو)) فجعل الزائد غلوا في الدين، والغلو ليس من الدين، وإذا كان ليس من الدين لم يعتد به، وعلى هذا فإنه ليس كالأجزاء المجزئة في مسائل الغلو التي يعتد بها بقدر الواجب ويلغى ما زاد عنه، فالحصى كل لا يتجزأ إذا كانت كبيرا، ثم إنه خالف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأحد الأوجه عند العلماء في هذه المسألة أن إسقاط الرمي وعدم الاعتداد به مبني على قاعدة ((أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه))، وحينئذ يحكم بعدم صحة رميه من هذا الوجه.

قال رحمه الله: [ويرميها بسبع حصيات كما رمى جمرة العقبة]: فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فحينئذ في الرمي سنتان: فعلية، وقولية. فالفعلية أن يرمي ويخذف الحصاة، والعبرة أن يوقعها في الحوض بغض النظر عن ضرب الشاخص وعدمه، فإذا وقعت في الحوض أجزأه، وأن يكون وقوعها بفعله، وعلى هذا فإذا حصل الرمي على هذه الصفة صح الفعل، وأما القول فهو أن يكبر مع كل حصاة؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإذا أتم السبع فإنه يبني على غالب ظنه واليقين. اليقين أن يأخذ سبع حصيات فيرميها ويعدها ويحصيها وليس عنده أي شك، وغلبة الظن أن يبني على غالب ظنه بالتقدير، فلو شك هل وقعت الحصاة في الحوض أو خارجة عن الحوض بنى على أنها لم تقع في الحوض حتى يجزم أنها وقعت أو يغلب على ظنه أنها وقعت، فلو رمى رميا يغلب على ظنه أن هذا الرمي يصادف الحوض أجزأه وإن لم ير بعينه حصاته تدخل في الحوض؛ لأن هذا صعب ومتعذر أن يراها بين مئات الحصيات خاصة في وقت الزحام، فإذاً يرمي ويبني على غالب الظن واليقين، فإن استيقن كأن يأتي عند طرف الحوض ثم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير