تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يرمي فيستيقن من وقوعها في الحوض فلا إشكال، أو غالب ظن كأن يكون بعيدا فيرمي ويقدر ويرى أن هذا الرمي تقع الحصاة به في داخل الحوض، هذان الأمران لا إشكال فيهما، لكنه لو رمى ثم تحرك مع الزحام أثناء رميه، فشك هل جاء في الحوض أو لم تأت؟ فيبني على أنها لم تأت حتى يتأكد من أنها قد أصابت الحوض؛ إذاً عند الشك يلغي الوقوع وعدمه ويعتد بأنها لم تقع حتى يستيقن أو يغلب على ظنه، وإن شك هل رمى سبع حصيات أو ست حصيات؟ بنى على ستّ؛ لأن اليقين أنه رمى ست حصيات، ومطالب شرعا أن يبرئ ذمّته بسبع فذمته مشغولة ولا ينفك من هذا الدَّين والحق لله عز وجلإلا بيقين وغالب ظن فلابد أن يرمي السابعة حتى يبرئ ذمته.

قال رحمه الله: [ثم يتقدم فيقف فيدعو الله]: ثم يتقدم بعد انتهائه من الرمي، وعليه أن يتّقيَ الله أثناء الرمي، فلا يزاحم ولا يؤذي ضعفة المسلمين، وعليه أن يتخلّق بأخلاق الإسلام، فلا يفعل الأمور التي تشينه في دينه، وخاصة في هذه المواطن المشرّفة المعظمة، فإن منى من الحرم، ومن أراد فيها الحرام فإن الله يذيقه عذابا أليما -نسأل الله السلامة والعافية- {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} فليتّقِ الله في سمعه، وليتقّ الله في بصره، وليتقِ في حدود الله ومحارم الله، ويتجنب مخالطة النساء، والدخول بين عورات المسلمين، ولا يؤذي ضعفة المسلمين وكبارهم، ولا يتعرض لفتن الناس، خاصة إذا كان فيه وسامة أو غير ذلك، وننبه على ذلك؛ لأنها منكرات انتشرت بين الناس، فالمسلم جاء من أجل أن يصيب الحسنات، وأن يضع ما على ظهره من بلائها وعنائها، فالشقي من حُرم، فمن الشقاء أن يستخف بحدود الله عز وجل يستخف بمحارم الله -عز وجل في مقام هو أرجى لرحمة الله عز وجل، فإذا انتهى من الرمي، السنة أن يأخذ ذات اليسار قليلا يبتعد عن الرمي حتى لا يؤذي الرامي ولا يضيّق عليهم يبتعد عن المرمى وعن الجمرة الصغرى، ويُسْهل بمعنى يأخذ إلى المسيل وهو مجرى الوادي، فهذا يقتضي أن يأخذ يسارا قليلا كما ثبت في السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وكما قال عبدالله بن مسعود: ((من هنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة)) يقصد بذلك جمرة العقبة وكذلك قال حينما رمى وأسهل 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأسند ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال بعض العلماء: من هنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة خص سورة البقرة لأنها لا تستطيعها البطلة، وقيل لأن البقرة فيها أكثر مناسك الحج، وهذا هو الأشبه، ولذلك قالوا في إحدى الروايات في السير أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما كان يوم حنين قال للعباس -وفر عنه الصحابة لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بوغت بهجوم هوازن وكان معه ما يقارب العشرة الآلاف وفجأة انكشفوا عنه -عليه الصلاة والسلام- لأن الهجوم كان على غبش الليل وعند طلوع الفجر، وكانت هوازن من أقوى العرب في الرمي، وكان الرجل منهم إذا رمى السهم قل أن يخطئ، فَكَمَنت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم أمطروا الصحابة بالسهام فجأة على آخر الليل، وهذا يروع الجيش وخاصة إذا بوغت الجيش بالعدو يتفرّق، فتفرّق الصحابة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -الشاهد- فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للعباس: ((ادع لي أصحاب الشجرة وفي بعض الروايات في السير قال: يا أهل الشجرة يا أهل سورة البقرة، فلما قال يا أهل سورة البقرة؛ لأن الله يقول فيها: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} فقالوا إن اختيار هذه السور لمعان فيها، ومن هنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة فراعى هذا المعنى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير