تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مراعاة هذه الأمور في الرمي.

قال رحمه الله: [ثم يرمي جمرة العقبة ولا يقف عندها]: ولا يقف بعد جمرة العقبة كما ذكرنا، وأصبح الضابط عند العلماء في الوقوف بعد الرمي أن يكون بعد الوقوف رمي، فإذا كان بعد الوقوف رمي؛ فإنه يصح الوقوف، وأما إذا كان لا رمي بعده؛ فإنه لا يقف، فجمرة العقبة ليس بعدها شيء يرمى، وعلى هذا فإنه لا يقف بعد رميه لهذه الجمرة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يقف عندها لا يوم العيد ولا أيام التشريق.

قال رحمه الله: [ثم يرمي في اليوم الثاني كذلك]: ثم يرمي في اليوم الثاني على الصفة التي ذكرناها.

بالنسبة للرمي ينبغي للمسلم أن يحرص على السنة؛ تأسيا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - واتباع الوارد، ومن ذلك أن يكون رميه لجمرة العقبة يوم العيد، وأن يكون ضحى، وكذلك أيضا بالنسبة لرمي الجمرات البقية في أيام التشريق أن يكون رميه بعد الزوال، والأفضل أن يكون قريباً من الزوال لأن جابراً قال ثم انتظر حتى زالت الشمس رمى جمرة العقبة، ومن هنا قال بعض العلماء أنه يرميها قبل أن يصلي الظهر؛ لأنها مخصوصة لذلك اليوم مبادرة في الامتثال وفضلوا ذلك، بمعنى أنه يبادر ويعجل وهذا وقت فضيلة أن يكون الرمي ما بين الزوال إلى صلاة العصر، ثم يستمر الجواز إلى طلوع الفجر كما ذكرنا، فيراعي السنة والتأسي بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما أمكن.

قال رحمه الله: [فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل الغروب]: فإن أحب أن يتعجل في يومين وهما الثاني عشر والثالث عشر فيخرج بعد رميه للثاني عشر؛ لقوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} فهناك أمران: الأمر الأول التعجل، والأمر الثاني التقوى.

فأما بالنسبة للتعجل فحقيقته أن يخرج من منى برحله ومتاعه قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، فإذا استتم الخروج من حدود منى في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس فإنه متعجل، وعلى هذا لا يجب عليه أن يبيت ليلة الثالث عشر، وأما أن يخرج لكي تغيب الشمس ثم يعود ويأخذ رحله ويأخذ متاعه ويحتال على الشرع فليس بمتعجل حقيقة؛ لأن الله قال: {تعجل} ولا يكون متعجلا إلا إذا أتم أغراضه ومتاعه وخرج حقيقة؛ لأن الإنسان إذا بقي له غرض لم يكن متعجلا، لو خرج ثم رجع لم يكن أصلا خارجاً، إذا خرج الإنسان عن موضع ولا زال متاعه ورحله في الموضع فإنه لم يخرج حقيقة، وإذا لم يخرج حقيقة لم يصدق عليه أنه تعجل ولم يصدق عليه أنه تحقق فيه شرط الشرع، فالبعض يظن أن تغيب الشمس وهو خارج منى، وهذا ليس مقصود العلماء وليس هو ظاهر النص، النص يقتضي أن يحصل منه صفة التعجيل، ولا يمكن التعجيل إلا بالخروج، ولا يتحقق هذا الخروج لمن بقي له متاعه وبقي له غرضه فليس بمتعجل، وعلى هذا فلابد أن يستتم الخروج حتى يصدق عليه أنه فعلا تعجل، وإذا حصل منه التعجل بالخروج كلياً من منى فإنه يحكم بسقوط المبيت ورمي الثالث عشر، كذلك لو أنه ركب سيارته وازدحم الطريق فإنه إذا غابت الشمس ولم يخرج فليس بمتعجل؛ لأن الله يقول: {تعجل} والذي غابت عليه الشمس ولو كان على دابته ولو كان على سيارته ولو كان المتاع على ظهره فإنه لم يتعجل؛ ولذلك لم يفتِ أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا مَنْ بعدهم من السلف الصالح من القرون المفضلة وغيرهم أن من حمل المتاع على ظهره ثم ازدحم قبل خروجه عند جمرة العقبة مع الناس أنه يجوز له أن يخرج؛ لأنه قد تعجل بوضع المتاع على ظهره. هناك أمران ينبغي التنبه لهما في فقه هذه المسألة، هناك شيء يسمى النية والقصد، وهناك شيء يسمى الفعل الظاهر. الأول متعلق بالقلب، والثاني متعلق بالظاهر، فالذي يريد أن يتعجل لابد فيه من الأمرين: أن يخرج قاصدا للتعجل، وأن يكون معه رحله ومعه متاعه، وعلى هذا فالذي يكون في داخل منى قد خرج بسيارته وعليها متاعه ثم غابت عليه الشمس في الزحام ولم يخرج من منى خرج بنيته ولم يخرج بفعله، والشرع يصفه بالتعجل، وهذه صفة خاصة تقتضي أنه استنفذ الأسباب والوسائل لكي يخرج من منى في الوقت المعتبر، وعلى هذا لا يكفي أن ننظر إلى الباطن ونلغي الظاهر. فالظاهر أنه في منى، ولم يتعجل حقيقة، والذي عليه ضوابط العلماء في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير