تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا قمنا بذلك قمنا بما فرض الله علينا؛ لأن هذا هو الواجب في المسلم، وإذا كان الحاج بهذه الطريقة فقلّ أن تجد سلوكا خاطئا، وقل أن تجد العبادة فيها ضرر على الناس.

الأمر الأخير: أن هذا أمر معروف؛ لأن من طبيعة وسنة الله عز وجل أن مثل هذه الاجتماعات لا تخلو من وجود ضرر، ولذلك ينبغي أن لا نتخذ من هذا الضرر السني الكوني طريقة لتغيير شرع الله، والعبث بالعبادات التوقيفية، والعبث بالأماكن المحددة، والعبادات المؤقتة، بل ينبغي لنا لزوم الأصل، هذا ما أردنا بيانه لعموم البلوى به؛ خاصة بعد أن وجدنا بعض طلاب العلم من يثرّب على أهل العلم وعلى كبار العلماء وبعضهم ينتقصهم وبعض الكتاب يحاول أن يجعل أخطاء الناس سببها الفتاوى، وهذا خلط بين القضايا، وهو صنيع من لا ينصف، بل علينا أن نتأمل الأخطاء بأسبابها، ونعالج هذه الأسباب، وأن نفرق بين شرع الله وبين تطبيق شرع الله، وهذا هو الذي أردنا أن ننبه عليه لعموم البلوى به.

قال رحمه الله: [لزمه المبيت بمنى والرمي من غد]: إذا لم يتعجل لزمه المبيت ليلة الثالث عشر والرمي الأمران؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يتعجل فبات ثم رمى الجمار ثم نفر صلوات الله وسلامه عليه النفر الثاني في اليوم الثالث عشر.

لزمه المبيت: المبيت يطلق في لسان العرب على مرور الليل على الإنسان ولو كان مستيقظا. يقال: بات إذا مر عليه الليل بغض النظر عن كونه نائما أو مستيقظا؛ ومنه قوله تعالى: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} فقوله: {والذين يبيتون} وصفهم بكونهم يبيتون سجدا وقياما وهذا استيقاظ في حال اليقظة وليس في حال النوم؛ فدل على أن البيتوتة لا تستلزم النوم، فلو أنه بقي في منى ولم ينم فقد بات؛ إذًا المراد أن يكون بجرمه وبجسده بمنى بغض النظر عن كونه نائما أو مستيقظا، ولكن السنة أن ينام إذا حصّل وقتا ينام فيه، فإن جلس في منى هل يتحقق المبيت بجزء من الليل أم لابد من أكثر الليل؟

والصحيح أنه لابد من أكثر الليل، وإذا قيل أنه لابد من أكثر الليل فإنه يحتسب من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر، ثم يعتد بأكثر النصف بما زاد على النصف، فلو كانت الشمس تغيب مثلا في الساعة السادسة وأذان الفجر لو فرضنا الساعة الرابعة أصبح الليل عشر ساعات، فأكثر الليل أن يبيت أكثر من خمس ساعات، وهل العبرة بآخره أو بأوله؟ فالآخر لا إشكال فيه وعليه أن يتحراه، فيجعل الخمس ساعات من قبل فأكثر من قبل الفجر ما أمكنه.

قال رحمه الله: [والرمي من غد]: والرمي من غد كما ذكرنا.

قال رحمه الله: [فإن كان متمتعا أو قارنا فقد انقضى حجه وعمرته]: لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مع الصحابة تمتعوا وبيّن لعائشة رضي الله عنها أنها في قرانها حصلت الحج والعمرة.

قال رحمه الله: [وإن كان مفردا خرج إلى التنعيم فأحرم بالعمرة منه]: وإن كان مفردا فإنه يرجع إلى بلده كما يرجع القارن والمتمتع، ومسألة أن يلزم بعمرة بعد الانتهاء من الحج أو يقال إنه ينبغي له أن يذهب إلى التنعيم ويأتي بعمرة هذا لا دليل عليه ليس هناك دليل على الإلزام، وأنه يجب له أن يأتي بالعمرة بعد حجه؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يلزم عروة بن مضرس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وقد جاء بالحج وحده، ومع ذلك لم يأمره عليه الصلاة والسلام أن يأتي بالعمرة بعد حجه، فدل على أن العبرة أن يأتي بالحج سواء جاء به مفردا أو قارنا أو متمتعا فلا يلزمه أن يذهب إلى التنعيم ولا إلى أدنى الحل يأتي بعمرة، لكن لو أراد أن يأتي بهذه العمرة لا ينكر عليه. من اختياره وطواعيته؛ خاصة من يأتي من بلاد بعيدة فإنه لا يتيسر له أن يأتي مرة ثانية ويتكفّل بكلفة السفر وعناء السفر ومشقته المادية والجسدية، فلو قال: أنا أتيت بحجي وعلي العمرة فأريد أن أبرئ ذمتي وأؤدي ما علي فلابأس أن يأتي بعمرة، ولابأس أيضا إذا أراد أن يعتمر عن أبيه الذي لم يعتمر أو عن أمه أو عن قريبه له لم يعتمر إذا وجدت الحاجة. أما أن يقال إنه لابد أن يذهب فلا، أما إذا وجدت حاجة أن يذهب إلى التنعيم فإنه لابأس بذلك ولا حرج فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير