تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمسألة الثالثة: في قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} فدل على أن العمرة تقع في زمان الحج في أشهر الحج، وعليه فلا تمتع في عمرة سبقت أشهر الحج على التفصيل الذي ذكرناه، فيشترط في التمتع أن تكون العمرة في أشهر الحج، وأن يوقع عمرته في أشهر الحج؛ فدل على أنه إذا لم يوقعها في أشهر الحج أنه غير متمتع، فلو جاء بعمرة في رمضان وانتهى منها فهلّ هلال شوال فبقي بمكة ثم حج فهو مفرد؛ لأنه لم يتمتع بعمرته إلى الحج حيث إن العمرة لم تقع في أشهر الحج.

إذًا يشترط أن تكون في أشهر الحج {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} المقطع الأول يتعلق بمن يتمتّع مشروعية التمتع ومن يتمتع في قوله: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} المقطع الثاني في قوله: {فما استيسر من الهدي} أي عليه الذي استيسر من الهدي فدل على وجوب الدم على المتمتع، وهذا محل إجماع: أن المتمتع يجب عليه دم سواء كان قارنا أو جاء بعمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه واستوفى الشروط، هذا المقطع الثاني {فما استيسر من الهدي} هذا الإجمال في قوله {الهدي} فصلته السنة أن الهدي لا يكون إلا من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، فلا يصح أن يهدي غير ذلك.

وثانيا: أن هذا الهدي ينبغي أن يكون مستوفيا للشروط، فسيبينه المصنف رحمه الله في باب الهدي والأضحية وسنتكلم عليها في شروط الهدي، من كونه: سالما من العيوب، وقد بلغ السن المعتبرة؛ {فما استيسر من الهدي} هذا الهدي السنة فيه في القارن أن يأتي به من بلده أن يسوقه معه من بلده طبعا من ميقات بلده أو من ميقات الموضع الذي أحرم منه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لولا أني قلدت هديي ولبدت شعري لحللت ولجعلتها عمرة)) وقال: ((إني قلدت هديي ولبدت شعري فلا أحل حتى أنحر)) فدل على أنه يسوق الهدي معه كما ساق علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الهدي؛ ولذلك أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أصحابه من لم يسق الهدي أن يتحلل ويجعلها عمرة؛ فهذا المقطع {فما استيسر من الهدي} {فما استيسر} ليس على إطلاقه؛ قد يقول قائل: لو وجدت جذعة من الغنم دون السن المعتبرة هي مما استيسر نقول: لا، هذا مقيد بما جاء في السنة.

{فما استيسر من الهدي} الهدي يكون من الإبل والبقر والغنم، الإبل والبقر عن سبع كما جاء في السنة من حديث جابر وغيره يجوز الاشتراك فيها، والشاة أو الغنم بنوعيه المعز والضأن عن شخص واحد.

{فما استيسر من الهدي فمن لم يجد} هذا المقطع الثالث، وهو البدل عن الهدي، وشرطه عدم الوجدان؛ فدل على أن من كان قادرا على الهدي لا يجوز له أن يصوم {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} فدلت الآية الكريمة على حكم من لم يجد الهدي للعلماء في قوله تعالى {من لم يجد} وجهان:

الوجه الأول: اعتبار الحال.

والوجه الثاني: اعتبار الصفة، فهو إذا لم يجد لفقر فلا إشكال أنه يصوم لكن لو كان فقيرا في سفره غنيا في بلده أو فقيرا في يوم ولكن يمكنه غداً أن يحول له المبلغ قالوا إنه في حكم الواجد، فله أن يتسلف وأن يذبح، فإذا لم يجد فإنه يكون في حكم غير الواجد كما في الماء إذا وجده الإنسان وعجز عن استعماله.

فالشاهد من هذا أن الذي لم يجد الهدي بين الله أن حكمه الصيام، ثم بين أن هذا الصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع، هذا هو الأصل أن صيام الهدي في الحج هدي التمتع والقران من عجز عنه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، فله أن يصوم الخامس والسادس والسابع، وله أن يصوم السادس والسابع والثامن، وله أن يصوم أيام التشريق يؤخر الصيام إلى أيام التشريق، فيصوم الثلاثة الأيام إذا لم يتيسر له صيامها قبل؛ لأنه قال: {في الحج وسبعة إذا رجعتم} أي يصوم سبعة أيام إذا رجع إلى بلده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير