تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

{ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} طيب إذا عجز عن الثلاثة الأيام في الحج ما استطاع فإنه يصوم العشرة كاملة إذا رجع إلى بلده. طيب لو كان آفاقيا ثم جلس في مكة بعد الحج واستقر فيها عنده مثلا مهمة جلس فيها ثلاثة أشهر شهرين يصوم بمكة؛ لأن قوله: {وسبعة إذا رجعتم} بني على الغالب؛ لأن الغالب أن الإنسان بعد الحج يرجع، والنص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه، فلو سألك شخص وقال: صمت ثلاثة أيام في الحج وأنا بلدي مثلا في الرياض ولكن عندي مهمة في جدة بعد الحج عشرة أيام وأريد أن أصوم الأيام الباقية أو عندي مهمة شهرين أو ثلاثة أيام أو أربعة أشهر أريد أن أصوم؟ تقول له: صمها؛ لأن قوله: {إذا رجعتم} خرج مخرج الغالب، والنص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه.

{ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} هذا المقطع الأخير {ذلك لمن لم يكن} ذلك اسم إشارة للبعيد، فالأصل فيه ذلك، لكن المراد هنا أنه استخدم اسم الإشارة للبعيد لوجود البدل الذي فصل بين الأصل وبين اسم الإشارة، فالحنفية أخذوه اسم إشارة للبعيد؛ فقالوا {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} معناه صدر الآية {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} فقال: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} هو لمن لم يكن حاضري المسجد الحرام، فقالوا: إن المكي لا يتمتع، هذا معنى قولهم في الأول إن المكي لا يتمتع.

والجمهور قالوا نعم ذلك اسم الإشارة للبعيد، لكنه ليس على ظاهره هنا من أن المراد به صدر الآية، وإنما الآية جاءت بمشروعية التمتع، ثم بوجوب الدم، فلما أوجبت الدم أدخلت بعد وجوبه البدل عن الدم، فلو أنه قال: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} فلو قال: وهذا لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أو لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام لفهم أن البدل وهو صيام الثلاثة الأيام والسبعة إذا رجع خاص بالآفاقي وأنه لا يكون لأهل مكة؛ فجاء باسم إشارة للبعيد لكي ينتقل عن البدل إلى الأصل لا أنه ينتقل إلى صدر الآية.

الحنفية قالوا عندنا قرينة تدل على أنه أول الآية؛ لأنه قال: {ذلك لمن} ولم يقل: ذلك على من وهو يقول: {فمن تمتع} والهدي قال: {فما استيسر} فأنت عندك فمن تمتع يعني لك أن تتمتع فيستقيم قوله {ذلك لمن} مع صدر الآية.

فرد الجمهور أن لمن اللام بمعنى على، وهذا معروف في لسان العرب ومنه قوله تعالى: {ومن أساء فلها} وقوله تعالى: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} أي عليها عاكفون فيكون قوله {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} أي ذلك على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فاستقام ردها إلى الدم وليس إلى صدر الآية الكريمة. وهذا هو الأرجح هذا حاصل ما ذكر في استشهاده رحمه الله بالآية الكريمة.

قال رحمه الله: [وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودع البيت بطواف عند فراغه من جميع أموره]: هذا النوع من الطواف يقال له: طواف الوداع، وهو يكون عند الصدر والخروج؛ والأصل فيه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر به الصحابة.

كانت العرب إذا انتهت من مناسكها تخرج من فجاج منى وعرفات إلى بلدانها ومنازلها، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بزيارة البيت، وذلك أن الحاج نزل إلى البيت وطاف طواف الإفاضة وبقي اليوم الثاني عشر الحادي عشر والثاني عشر، فاستقبح منه أن يخرج إلى بلده دون أن يزور البيت، فشرع الله لعباده أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافا.

وأشارت أم المؤمنين رضي الله عنها إلى ذلك بقولها: ((كان الناس يصدرون -يعني يسافرون- من فجاج منى وعرفات. فأمروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافا)).

فقالت رضي الله عنها: فأُمِروا أن يجعلوا آخر عهدهم بالبيت طوافاً وجاء هذا صريحا من قوله عليه الصلاة والسلام: ((اجعلوا آخر عهدكم بالبيت طوافا)).

قوله: ((اجعلوا)): أولا: دل على مشروعية طواف الوداع.

ثانيا: أنه واجب؛ لقوله: ((اجعلوا)) والأمر للوجوب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير