تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [باب أركان الحج والعمرة]: الركن تتوقّف عليه الماهية، بخلاف الشرط والواجب، وعلى هذا فإن أركان الحج لا يمكن أن يحكم بالحج إلا بها، وجمعها لتعددها، وكذلك العمرة لها أركان وجمعها لتعددها واختلافها.

قال رحمه الله: [أركان الحج: الوقوف بعرفة]: الوقوف بعرفة وهو ركن الحج الأعظم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((الحج عرفة))، وفي الحديث الصحيح عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن أناسا من نجد أتوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالوا: يا رسول الله، كيف الحج؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((الحج عرفة من أدرك عرفة ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج)) هذا الحديث حديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة بسند ثابت، وفيه دليل أن الحج عرفة، أي ركن الحج الأعظم عرفة، وقد عبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأسلوب التعظيم، ولذلك هذا الركن هو الذي أجمع العلماء على أن الحج يفوت بفواته، ولذلك يقول العلماء: أنه هو الركن الأعظم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عظمه حتى جعله الحج كله، وليس المراد أن الحج كله في عرفة، كما يعتقد بعض الجهلة أنه إذا جاء إلى عرفة فالباقي ليس بالواجب، وإنما خرج منه مخرج التعظيم كقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا ربا إلا في النسيئة)). وهي أساليب معروفة في لسان العرب.

هذا الوقوف ليس المراد به الوقوف على القدمين، فإذا دخل عرفات في وقتها المعتبر أي ساعة من ليل أو نهار دخل فيها واقفا أو جالسا أو محمولا أو كان في هذا الموضع ولو مضطجعا ولو منسدحا فإنه يعتد به ويعتبر وقوفا، لكن أن يكون عاقلا ساعة الوقت المعتبر، وعلى هذا فإنه يصح وقوف من جلس بعرفة في الزمان المعتبر سواء كان نائما أو مستيقظا، واشترطنا أن يكون عاقلا فلو كان مجنونا أو سكرانا أو مخدرا لم يصح وقوفه، وعلى هذا فلو فقد عقله أو أغمي عليه. المغمى عليه فيه قولان، لكن إذا فقد عقله بالجنون أو بالسكر لم يصح وقوفه، سواء كان سكره على وجه يعذر به أو على وجه لا يعذر به، لكن في زماننا مسألة لو أن شخصا سأل: هذا الرجل جاء للحج وقبل يوم عرفة احتيج لعملية جراحية فخدر، فوضع المخدر وجاء يوم عرفة أو وضع المخدر لعلاج أمر ضروري وهو بعرفة لم يكن في الوقت المعتبر وجاء الوقت المعتبر كيف نصحح حج هذا؟، نقول: إن أفاق قبل انتهاء الوقت المعتبر ولو بلحظة من مخدّره صح وقوفه، وأما لو بقي في مخدره حتى طلع الفجر من يوم النحر فإنه لا يصح، وحصل بعض المسائل مرت علينا فإنه ينقل حتى يفيق من مخدّره إذا كان قدر الأطباء أنه يأخذ ساعة ساعتين وبقي على الفجر ثلاث ساعات أو أربع ساعات يمكنه أن يدرك الحج؛ فحينئذ ينقل ولو بالإسعاف ولو بالسيارة ولو للحظة واحدة يقع بها الوقوف. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((من صلى من صلاتنا هذه ووقف وقوفنا هذا أي ساعة من ليل أو نهار وكان قد أتى عرفات من أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه)) هذا بالنسبة لاشتراط العقل.

أما إذا كان الشخص نائما فالنائم لا إشكال فيه؛ لأن النائم إذا أيقظته يستيقظ، والمجنون إذا أيقظته لا يستيقظ، وإذا نبهت النائم ينتبه، والمجنون والمغمى عليه والسكران والمخدّر لا يمكن أن يرجع إلى عقله و صوابه، ومن هنا اختلف عن النائم، ولذلك النائم كما ذكر العلماء وبين العلماء والفقهاء في كتب في قواعد الفقه: يستصحب فيه الأصل ولذلك إذا نام وهو عاقل فهو في حكم العاقل، ولذلك يطالب بقضاء العبادة في مسألة التكليف، ولكن يؤمر بالفعل بعد القدرة والتمكن.

الشاهد إذا كان مغمى عليه أغمي عليه إذا صدمته السيارة قبل الزوال، وقلنا الوقوف يبدأ بالزوال. فلما صدمته السيارة قبل الزوال أغمي عليه وبقي مغمى عليه اختلف العلماء فيه على قولين:

قال بعض العلماء: المغمى عليه يصح وقوفه. وهو مذهب الحنفية و المالكية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير