تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واحتجّ الذين قالوا بعدم الإجزاء بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتى من منى ونزل بنمرة، ولما نزل بنمرة نزل قبل الزوال، وانتظر حتى إذا زالت الشمس خطب الناس ثم بعد ذلك دخل بالعشي، فدلّ على أن الموقف لا يبدأ إلا عشيته، دل على أن الموقف لا يبدأ إلا عشية. قلنا إذا وقف قبل الزوال فللعلماء قولان:

قول للجمهور أنه لا يصحّ موقفه ولا يقع حجه.

وقول إنه يصحّ حجه ويعتد به؛ وعليه دم إذا لم يرجع قبل المغيب على التفصيل في المذهب.

القول الأول: للجمهور قالوا لم يصح حجه لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نزل بنمرة، ونمرة ليست من عرفة إجماعا، وقالوا لا يمكن أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يترك فضل النزول في المشعر والمنسك وهو عرفات وينزل قبل حدوده ويتكلف هذا النزول إلا لأن الوقت لم يحن بعد للعبادة، ولذلك السنة واضحة في الدلالة على أنه لا موقف إلا بعد الزوال.

ثانيا: أن النصّ دلّ على أنّ عرفة لعشيتها، وقد جاء النص صريحا أن المباهاة في عشية عرفة، ومعنى ذلك أن عرفة معتدّ بها بالعشيّ، والعشيّ من بعد منتصف النهار؛ لأن الغَدْوة من أول النهار، والعشي من آخر النهار، ويبدأ العشي من بعد الزوال، فقالوا إن هذا يدل على أنه لا يكون الموقف إلا بعد الزوال، هذا من جهة النص. ومن جهة النظر قالوا إنها عبادة مؤقتة لا تصح إلا بعد الزوال كالرمي، ولذلك لا يبعد أن يكون الوقوف بعد الزوال، وأن يكون الرمي بعد ذلك بعد الزوال، وكأن الزوال حدّ بهذه العبادات، فقالوا لا يصح الوقوف قبل الزوال كما لا يصح الرمي قبل الزوال، كذلك أيضا قالوا قياس ثان هذا من قياس شعيرة على شعيرة في العبادة نفسها وهي الحج، وقاسوا نظيرا على نظيره من خارج، فقالوا لا يصح الوقوف قبل الزوال كما لا تصح صلاة الظهر قبل الزوال، هذه حاصل حجج الجمهور النقلية والعقلية، ولذلك قال الأئمة كل من تأمل النقل والعقل ظهر له بجلاء أنه لا موقف في عرفة إلا بعد زوال الشمس وهذا هو القول المعتد به والمعتبر. هذا حاصل ما يقال بالنسبة للوقوف ولزمانه المعتبر.

قال رحمه الله: [وطواف الزيارة]: الركن الثاني طواف الزيارة. الطواف بالشيء الدوران، والمراد هنا دوران مخصوص بشيء مخصوص بنية مخصوصة.

والدوران المخصوص هنا: دوران بالبيت الحرام.

على صفة مخصوصة: من الشرائط المعتبرة للطواف بالبيت.

الدوران بشيء مخصوص هو البيت، والمراد به البيت العتيق، وهو البيت الذي بناه الخليل عليه السلام وعليه فلابد في الطواف أن يدخل الحجر وسيأتي بيانه في الشروط.

بنية مخصوصة: وهي نية التقرب إلى الله عز وجل كما سيأتي في الشروط.

هذا الطواف وهو طواف الزيارة أجمع العلماء على أنه ركن من أركان الحج؛ والدليل عليه قوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق} فأجمع العلماء على أن قوله: {وليطّوّفوا بالبيت العتيق} المراد به طواف الركن وهو طواف الإفاضة، وكلهم متفقون على أنه ركن من أركان الحج، وهذا الطواف هو طواف الركن بالنسبة لمسائله طبعا أول شيء يشترط لكل طواف خاصة إذا كان واجبا النية، والنية أن يقصد الطواف ويقصد التقرب لله عز وجل. فالنية فيها: أمران أن يقصد العبادة، فلو أنه دخل وطاف بالبيت يبحث عن صديق فأتم سبعة أشواط، أو دخل وضاع ابنه فجلس يطوف يبحث عنه ثم نواه عن الإفاضة لم يجزه؛ لأنه لابد أن ينويه عبادته: القصد؛ قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله} وهذا لم يقصد عبادة الله إنما قصد أمرا دنيويا، يشترط النية، ويشترط النية لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) فدل على أنه إذا نوى الإفاضة فهي إفاضة، وإذا لم ينو إفاضة فليست بإفاضة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير