تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشرط الثاني: أن يكون الطواف داخل المسجد الحرام، فلا يصح الطواف من خارج المسجد الحرام؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: {وطهرا بيتي للطائفين والعاكفين} فقال: {وطهرا بيتي} والمراد المسجد فدل على أنه لا يصح الطواف في غير المسجد، ويستوي في المسجد بطن المطاف والرُّواق ولو حال بينه وبين البيت حائل مثل أن يحول زمزم وأبنية زمزم في القديم ومقام إبراهيم فهذه حوائل لا تؤثر في الطواف، ولكن الذي يؤثر الخروج عن المسجد، يستوي أن يكون طائفا في الدور الأول أو في الدور الثاني أو الثالث؛ لأنه طائف بالبيت ودار بالبيت، وسطح المسجد كأرضه؛ ولذلك أجمع العلماء على أنه لو صعد إلى سطح المسجد وهو معتكف فإنه لا يبطل اعتكافه؛ وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((من ظَلَم قِيْد شبر من الأرض طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين)) فجعل أسفل الشيء كأعلاه؛ فدل على أن أعلاه كأسفله؛ ولأن من ملك دارا ملك هواها، ولذلك له أن يبني في أدوارها وهذا ملك له، فهذا يدل على أن السقف يأخذ حكم الأرض ويجوز الطواف فيه والأفضل أن يطوف في الأسفل لقوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه}.

الشرط الرابع: أن يبتدئ بطوافه من الحَجَر، وعلى هذا فلو ابتدأ من دون الحجر لم يصح كأن يبتدئ من عند الباب أو بعد الحجر ولو بخطوة واحدة فإنه يجب عليه أن يرجع ويبتدئ من الحجر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابتدأ من الحجر وأمر بالطواف سبعة أشواط، وفعل ذلك وفعله بيان لواجب فهو واجب.

الشرط الخامس: أن يستتم هذه الأشواط السبعة، فلو أنقص منها خطوة واحدة كأن يطوف وقبل الحجر بخطوة يخرج فإنه يجب عليه أن يتم الشوط الذي انتقصه ولا يصح منه إلا إذا كان تاما.

الشرط السادس: الطهارة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((الطواف بالبيت صلاة)) وهذا الحديث صححه غير واحد وقووا رفعه، ونص فيه على أنه صلاة فيأخذ حكم الصلاة؛ والصلاة لا تصح بدون وضوء؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور))؛ كذلك أيضا من الأدلة على اشتراط الطهارة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طاف متوضئا كما في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة عنها -رضي الله عنها- أنه ابتدأ أول شيء بالوضوء ثم استلم الحجر، فما طاف إلا وهو متوضئ؛ ومن الأدلة أيضا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى الحائض أن تطوف بالبيت؛ لأنها غير متطهرة، فدل على اشتراط الطهارة.

الشرط السابع: ستر العورة، فلا يصح الطواف من العريان؛ وفي الصحيحين عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه بعث إلى مكة أبابكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الحج الذي سبق حجة الوداع ينادي: ((أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)) فدل على أنه لا يصح الطواف من العاري، ويعتبر في ستر العورة ما يعتبر في الصلاة وقد تقدم، فلو طاف وانكشفت عورته أثناء الطواف بطل شوطه أو بطل طوافه وجهان للعلماء على افتراق الأشواط أو استتمام الطواف في كله.

ومما أكد ستر العورة أن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} أنها نزلت في عراة المشركين، كانت المرأة تطوف عارية إذا كانت من الحُمُس، وتطلب الثوب من غير الحُمُس. وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله

فنزل قوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} فأمر بالستر للطواف، فدل على لزومه ولكن قدمنا دلالة الحديث؛ لأنها أقوى.

الشرط الثامن: الموالاة، فلا يفصل بين الأشواط السبعة بفاصل مؤثر، فإذا أقيمت الصلاة وهو يطوف قطع فصلى ثم رجع إلى المكان الذي قطع منه والأفضل أن يرجع من أول الشوط، فلو أقيمت الصلاة وهو في الشوط السادس وقف في مكانه فصلى ثم اعتد من المكان، والأفضل أن يرجع إلى الحجر ويلغي ما مشاه ويأتي بالشوط السادس من أوله، ولكن لو بدأ من موضعه أجزأه، فهذه كلها شروط ينبغي اعتبارها في الطواف، وينبغي كذلك أيضا من الشروط أن يكون الطواف بالبيت كله، فلو أنه اقتطع من الطواف جزءاً مثل أن يدخل بين الحجر وبين الكعبة لم يجزه؛ لأن في الحجر عدداً من الأذرع تعتبر من البيت؛ والدليل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير