تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنقول: من وقف قبل غروب الشمس ولو للحظة صح حجه؛ لقوله: ((وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار)) ويجب عليه الدم؛ لأنه خالف فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي جاء بيانا لواجب فحينئذ يجب عليه الدم جبرانا لهذا النقص الواجب. لكنه إذا خرج ورجع قبل الغروب فلا إشكال إن رجع بعد الغروب ففيه إشكال، والأوجه أنه يجب عليه الدم إذا رجع بعد الغروب؛ لأن الاعتداد إلى أن تغرب الشمس.

قال رحمه الله: [والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل]: والمبيت بمزدلفة فهو واجب من واجبات الحج؛ لأن الله عز وجل قال: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين} فأمر سبحانه وتعالى بالوقوف عند المشعر، وفسّرت السنة ذلك بالمبيت تمهيدا للوقوف، وبات عليه الصلاة والسلام بالمشعر وهو مزدلفة، وقال: ((خذوا عنيّ مناسككم)) فدل على وجوبه، وهذا المبيت من العلماء من قال: يجب أن يبيت الليل كله إن أدركه تاما ولا يجوز له أن يخرج قبل الفجر حتىّ يقف بالمشعر.

ومنهم من قال: إذا جاء إلى مزدلفة العبرة أن يبقى ولو للحظة حتى ولو حطّ رحله ثم مشى أجزأه كما يقول المالكية، ومنهم من يقول إنه ينتظر إلى منتصف الليل كما يقول الشافعية وفي المذهب أيضا هذا القول.

والصحيح أنه إذا جاء قبل الفجر لا يجوز له أن يخرج حتى يقف بالمشعر؛ لأن الله عز وجل أمر بذكره في المشعر، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ذلك وألزم به الصحابة، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للضعفة من أهله، فإذا تأمّلت الحديث الصحيح عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: ((أي هنتاه ما أرانا إلا غلّسنا. قالت رضي الله عنها إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للضعن)) يعني النساء والضعفة فقولها: ((أذن)) والإذن استباحة لمحظور، ومن هنا قالوا إنه رخّص للضعفة والعجزة من أهله، والرخصة استباحة للمحظور، فدل على أن الأصل الوجوب، ولا يرخص إلا للضعفة ومن في حكمهم من الصبيان والنساء وكبار السن والمرضى ومن يقوم عليهم ممن لا يمكن أن يصبر عنه أو يحتاجون إليه من أجل نقلتهم.

المبيت بمزدلفة ثم إذا قلنا إنه يرخص فيه للضعفة، فهل يخرج الضعفة بعد منتصف الليل أو يخرجوا بعد سقوط القمر؟ قال جمهور القائلين بالمبيت: الشافعيّة والحنابلة قال الجمهور إن العبرة بمنتصف الليل. وقال بعض العلماء -وهو رواية عن الإمام أحمد-: إن العبرة بسقوط القمر، وإذا تؤملت النصوص أن الإذن للضعفة ليس فيه نص يدل على منتصف الليل تحديداً، ولكن حديث أسماء -رضي الله عنها- أنها قامت تصلي وهو في الصحيح قالت لابنها عبدالله: هل غاب القمر؟ قال: لا فقامت تصلي، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قال: لا. ثم قالت في الثالثة: هل غاب القمر؟ قال: نعم. فدفعت. قالوا إن هذا تفسير للرخصة، وأنها امتنعت من الدفع حتى غاب القمر، ومغيب القمر يكون لبقاء منزلتين من منازل القمر قبل الفجر، وهذا أقل من ساعتين بالتقدير عند أهل الحساب والفلك لأقل من ساعتين يغيب القمر قبل الفجر، وهو يعادل سبع الليل أو الثلث إذا كان الليل من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر فهو السبع للكل والثلث للقدر الذي ذكرناه، هذا القدر بعض العلماء يقول تبتدئ منه الرخصة، واعتدوا بمنتصف الليل؛ لأنه ثبت أنه أذن للضعفة ولم يأت ما يفسر، والإذن يكون بعد الدخول في أكثر الليل، وأكثر الليل يبدأ بعد منتصف الليل، ومن هنا قالوا إنه بعد منتصف الليل يجوز له أن يدفع، والحقيقة أن فعل أسماء فيه تحوط أكثر أن ينتظر للضعفة إلى سقوط القمر.

قال رحمه الله: [والسعي]: والسعي بين الصفا والمروة: الصحيح أنه ركن من أركان الحج؛ وقد بيّنا ذلك في قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فهي من شعائر الله الواجبة كالوقوف بعرفة، كما أن الوقوف بعرفة من شعائر الحج وهو ركن كذلك أيضا السعي بين الصفا والمروة يعتبر لازما من هذا الوجه. أكدت هذا السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث حبيبة بنت أبي تجرات -رضي الله عنها- وفيها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سعى بين الصفا والمروة وقال: ((أيها الناس إن الله كتب عليكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير