، علينا أن نكون وسطا بين الإفراط والتفريط، فالسلام على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قربة ولاشك أنه طاعة إذا كان سلاما شرعيا راعى فيه المسلم الآداب الشرعية، وليتأمل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من مسلم يسلم عليّ إلا ردّ الله علي روحي فأرد عليه)) فمن هو السعيد الذي يرد عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سلامه يرد عليه بالسلام والرحمة والبركة، ولاشك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرد بالأكمل والأفضل لأنه مأمور أن يحيّي بأحسن، فالمنبغي أن نتبّع النص الوارد وأن لا يبالغ الإنسان في تزهيد الناس من السلام على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وأيضا هذه المبالغة التي يفعلها بعض أهل البدع والحدث خاصة إذا كانوا من سكّان المدينة كل يوم يذهب وهو يسلم ذاهبا آتيا للسلام على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا خلاف ما كان عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- ولا ينبغي الغلو في هذه المسائل وأخذ الأبناء وأخذ القرابة كل يوم يذهب ويسلم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا ما فعله السلف وفيه غلو والمسلم وسط بين الإفراط والتفريط، وعليه أن يأخذ بالقصد، ثم إذا سلم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليه أن يأخذ بالسنة والعدل وأن يتبع الوارد وأن لا يحدث من الكلمات التي لا أصل لها والأسماء التي لم ترد للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيبالغ في سلامه وإطرائه بل عليه أن يتأسى بالسلف الصالح بالسلام الشرعي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويجزّيه عن الإسلام والمسلمين خيرا على ما قام به من أداء الرسالة وتبليغها -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- وجزاه عنا خير ما جزى نبياً عن أمته وصاحب رسالة عن رسالته.
سنتوقف إلى بداية الدراسة إن شاء الله. نسأل الله أن يتقبل ويجعله علما نافعا وعملا صالحا.
وأوصي طلاب العلم بضبط المسائل، وأوصي بتفريغ الأشرطة إن أمكن، ثم اختصار هذه الدروس بذكر المسألة وحكمها ودليلها ويصبح هذا ملخصا خاصا للطالب.
وليعلم كل طالب علم أنه مسؤول عن ضبط هذا العلم، والاستكثار من العلم دون ضبطه مسؤولية عظيمة على طالب العلم؛ عليه أن يضبط هذه المسائل وأن يراجعها وأن يجد ويجتهد في شغل وقته في هذا العلم النافع ويحرص في أثناء مراجعته على ترتيب المسائل؛ لأن ترتيب المسائل في المذاكرة يعين على الضبط أكثر.
وأهم شيء الإخلاص والجد والاجتهاد مع صدق العزيمة.
نسأل الله بعزه وجلالته وعظمته وكماله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يتقبل منا هذا العلم خالصا لوجهه الكريم موجبا لرضوانه العظيم وأن يغفر لنا ما كان من الزلل والخطأ.
الأسئلة:
فضيلة الشيخ: هل للعمرة طواف وداع. وجزاكم الله خيرا؟
الجواب:
بسم الله. الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فللعلماء قولان: هل تلتحق العمرة بالحج في طواف الوداع أو لا تلتحق؟
أصحهما أنها لا تلتحق؛ وذلك لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر بطواف الوداع للحاج ولم يأمر به المعتمر، ولم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في عُمَرِه أنه أمر بوداع.
ثانيا أن الذين قالوا بإيجاب طواف الوداع على المعتمر قالوه من باب القياس؛ قالوا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال للمعتمر: ((واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك)) وهذا الحديث حديث صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه في الصحيح: ((واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك)) المراد به: ترك المحظورات وليس المراد باب المأمورات؛ لأنه رأى الرجل وعليه جبة عليها صُفْرة أو أثر الطيب، فقال له: ((انزع عنك جبّتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتك)) فلو كان هذا اصنع المراد به الأفعال والواجبات لكان يجب عليه في العمرة أن يقف بعرفة وأن يبيت بمزدلفة وأن يبيت بمنى وأن يرمي الجمار! فدل على أنه ليس في الأفعال، فكما خرج الوقوف بعرفة وهو من الأفعال والمبيت بمزدلفة وطواف الإفاضة ورمي الجمار وهي من الأفعال خرج طواف الوداع، وعلى هذا يكون قوله عليه الصلاة والسلام: ((اصنع)) أي اتق المحظورات- كما في عمرتك كما تتّقيها في حجّك لأن السياق والسّباق محكمّ، فسياق الحديث وسباقه إنما هما في التروكات وليس في الأفعال، فالاستناد إلى هذا الحديث ضعيف من هذا الوجه وقد ردّه الجمهور لما ذكرنا.
الأمر الثاني: مما يدل على ضعف هذا القول الذين قالوا بوجوب طواف الوداع على المعتمر اختلطت عليهم الأقوال، فقال بعضهم إذا صلّى فرضا، وقال بعضهم إذا صلى ثلاثة فروض، وقال بعضهم إذا صلى خمسة فروض، وقال بعضهم إذا بات، فهذا الاضطراب يدل على أنه ليس بواجب، لو كان واجبا لجعل له الشرع أصلا ينتهى إليه في تقدير الوقت الذي يجب على المعتمر أن يطوف به طواف الوداع، ولذلك نقول إن طواف الوداع خاص بالحاج؛ لأن عائشة أشارت إلى ذلك بقولها: ((كان الناس يصدرون من فجاج منى وعرفات))، فلما طال العهد عن البيت في الحج بيومين كاملين ابتعد فيهما عن البيت هذا المعنى لا يوجد في المعتمر والعبرة بالغالب أن المعتمر إذا انتهى من عمرته يرجع؛ ولذلك أمر بطواف الوداع في الحج ولم يؤمر به في العمرة، فهذا هو الصحيح أن المعتمر لا يطوف لطواف الوداع. والله تعالى أعلم.
نسأل الله بعزته وجلاله العلم النافع والعمل الصالح وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
¥